آلاء لبني

التصوير والمدينة الفاضلة

الخميس - 27 أبريل 2017

Thu - 27 Apr 2017

كاميرا الجوال التي حرمها البعض في الماضي، أصبحت أسهل وسيلة لنقل فيض الصور ومقاطع الفيديو مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، طريقة الاستخدام هي التي تحدد مدى إيجابياتها أو سلبياتها، الفكرة تكمن ما الهدف من التصوير؟ ومدى الوعي بالأضرار والفوائد؟ وما المساحة التي تنتهي فيها حدود حريتنا؟ الحرية المطلقة أمر محال، وحرية الفرد تنتهي عند حدود حرية الآخر. وما هي عقوبات التشهير والجرائم المعلوماتية؟

للأسف وصل الحد بنشر المجرمين جرائمهم على صفحاتهم، كما حدث مثلا على فيس بوك، والبث الحي لحالة اغتصاب في السويد؟! والأمريكي الذي قتل عجوزا (78 عاما)، وتصوير البعض نفسه وهو ينتحر..إلخ. وهذا ما ينافي الإنسانية ويوجب الحد منه بتفعيل إجراءات جدية تراقب المحتوى في وسائل التواصل.

الإدمان السلبي بنشر الإنسان كل ما يعيشه ويمارسه وكل ما حوله من جماد وبشر، متناسيا حدود الحريات، مثلا كمن يصور حوادث السير والموتى أليس هذا انتهاكا لهم، وتصوير تكشف العورات ونشرها بدل المبادرة بسترها! أين النخوة؟

الصور السلبية عديدة كنشر المقاطع والمعلومات عن العمليات الأمنية الذي أعاق وأخر عمل الجهات الأمنية كما صرحت به وزارة الداخلية.

مع كل هذه الأخطار والتخوفات فالإيجابيات قائمة، فقد أظهر لنا التصوير بعض المستور من السلوكيات الخاطئة وجوانب القصور والإهمال داخل مجتمعاتنا، وساهم في وقف العديد من حالات العنف، من داخل المدارس، ولو وضعت كاميرات سرية لرأينا الأعاجيب ما الله به عليم، توثيق بعد التعديات والضرب في الشوارع ساهم في الكشف عن المخطئين أو المجرمين كتوثيق التعدي على رجل الأمن بجدة، توثيق حوادث الضرب والتحرش وحبس الرجل العجوز..إلخ.

أما المستشفيات فقد حظيت بقدر جيد من الفيديوهات بتوثيق الإهمال والتأخير وحصانة الصراصير في بعض ممراتها!

لا يخفى الأثر والتأثير الذي تساهم به مواقع التواصل الاجتماعي على توجهات الرأي العام حول قضايا المجتمع، وهو سلاح ذو حدين، بعض المقاطع تحظى بالمعالجة والدعم والبعض يستغلها لبث السموم والأفكار البالية، كالمقطع الذي يصور ضرب رجل لامرأة بمكة، الكل استنكر المشهد والذي انتهى بالقبض على المعتدي بتوجيه من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، ومقطع آخر لرجل يضرب امرأة في السيارة، كلا المقطعين يصور العنف، ولكن الغريب ردة فعل بعض رواد وسائل التواصل في المقطع الثاني الذي ذيل بكلمة زوج يضرب زوجته ولا أحد يعلم صحة هذا الادعاء، ولكن الردود التي أثيرت غريبة، كنشر مقاطع عنف لنساء في الغرب، التعبير بأن المرأة حرة تتحمل هذا أم لا. وهذا تدخل في حقها بالصمت! المحاكم مفتوحة للخلع! وهذا الكلام ليس من رجال فقط بل نساء ونساء لهن تأثير. ربما نسمع من يقارننا أيضا بحادثة الهندية التي أحرقها زوجها قبل يومين بسبب عدم استكمال أهلها مهرها!

لماذا حين وضعت كلمة زوج تبددت الأحوال والآراء لدى البعض؟ لماذا بعض النساء يرين كل نقاش بأنه جزء من خطة غربية تغريبية.. إلخ ، من قال إن هناك قدوة عالمية نتبعها! قدوتنا خير الورى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام المبعوث رحمة للعالمين، لماذا المقارنة بين حادثة عندنا وأعداد حالات العنف في أمريكا؟! ما وجه المقارنة؟ البيئة المشابهة، الثقافة!!

مع العلم أن دول العالم الإسلامي والدول النامية مجتمعة ينقصها الإحصائيات الدقيقة لأسباب مختلفة عكس دول العالم المتقدم، وفيما يخصنا على أي إحصائيات نعتمد، إذا كانت مراكز الشرطة غير مهيأة بالشكل الكافي لاستقبال حالات العنف، وإذا كان المعنف أيا كان جنسه أو عمره يجب أن يزور عددا من الجهات ليثبت حقه، كثير من المعنفات تكمن مشكلتهن في عدم وجود مراكز إيواء لهن.

العنف هو العنف سواء كان على امرأة أو رجل أو طفل لا للتبرير، وليست هناك مدينة فاضلة في هذا العالم، والعنف والظلم ليسا صفة خاصة بمجتمع ما، المسألة مسألة قوانين وأنظمة رادعة تكفل حفظ الحياة الكريمة والأمانة، تخيل امرأة مطلقة تعيش في إحدى الشقق السكنية مع ابنها ذي الخمسة أعوام، يرى جيرانها ظلمها لولدها ويسمعون صوته يصرخ صراخ استنجاد في بعض الليالي، ولا يتدخلون لأنه شأن خاص، ويتحدثون بين بعضهم متى تنتقل هذه الشؤم من بيتنا! كل همهم عدم سماع الصوت المزعج! هذه قصة واقعية ماذا عن الطفل وحقوقه؟ تضيع كما ضاعت الكثير من الحقوق بحجة الشأن الخاص.