إسماعيل محمد التركستاني

القيادة الصحية والأثر الطيب

الأربعاء - 26 أبريل 2017

Wed - 26 Apr 2017

في خطبة تعتبر من درر الخطب والتي تلقى من على منبر خير البرية بالمسجد النبوي الشريف والذي ضم ترابه جسد رسول الله، عليه أفضل الصلاة والتسليم، ألقى يوم الجمعة 24 رجب 1438 على مسامعنا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي خطبة كان موضوعها عن الأثر الذي يتركه الإنسان في هذه الدنيا.

حيث قال: من أعظم نعم الله على العبد أن يجعل له أثرا طيبا يحيي ذكره ويجري به أجره بعد موته، قال الله تعالى «إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين». والأثر الطيب الذي يصنعه الإنسان في مسيرة حياته يورث معية الله وحفظه. وأضاف أن العمل الطيب المؤسس بنية صالحة؛ يجعل الأثر الذي يتركه يزداد رسوخا وقبولا، قال جل في علاه «إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه»، وكل أثر لم يبن على الإيمان فمصيره الزوال والاندثار مهما عظم ونما.

وأردف أن الله تعالى إذا فتح أبواب رحمته لعبد؛ وفقه لعمل له أثر طيب، وبارك له فيه، وضاعف نفعه وفضله، قال صلى الله عليه وسلم «سبق درهم مئة ألف درهم». وقال الثبيتي: من عرف أثر صناعة الأثر سما في آفاق الاجتهاد والتنافس، قال صلى الله عليه وسلم «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئا».

وأشار إلى تنوع مجالات صناعة الأثر وأشكاله المتعددة، يختار كل فرد ما يلائم إمكاناته وما يتوافق مع قدراته ومواهبه كما كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تركوا أثرا فاعلا في شتى مجالات الحياة؛ فكل نفع متعد يغرس خيرا وتصلح به الحياة يعد أثرا طيبا؛ فأفضل العبادات أكثرها نفعا، قال صلى الله عليه وسلم «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره وولدا صالحا تركه ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته». وإن من سمات صانع الأثر أنه يبني باطنه وظاهره؛ فهو يجعل الآخرة نصب عينيه ومبادئه وقيمه راسخة. كانت هذه مقتطفات من خطبة كان لها الأثر الكبير في نفسي والتي تمنيت أن تكون لدي القدرة على إيصال محتوياتها إلى جميع القيادات الصحية بمختلف مستوياتها، العاملة في الحقل الصحي، وذلك من باب حب الخير للجميع.

باختصار.. لا بد أن يدرك الجميع أن القيادة لا تعني أن تعطي لصاحبها اتخاذ أي قرار مبني على منطلق أنه صاحب الصلاحية المطلقة في اتخاذ القرارات والتي لا حدود لها. نعم، لقد أدركت أنا والكثير من زملائي في الحقل الصحي، وذلك في خلال مسيرتنا المهنية، الكثير من القيادات الصحية والتي كانت لها طيب الأثر في العمل الصحي، وذلك من ناحية تأثيرها الإيجابي في حياتي العملية وحياة الكثيرين من زملائي في القطاع الصحي، سواء كان ذلك التأثير بكلمات التشجيع والتحفيز، أو كان باتخاذ القرارات المؤثرة والتي كان لها طيب الأثر في نفوس جميع العاملين، ولكن وللأسف، كانت هناك بعض القيادات الأخرى والتي يمكن القول إنها ينطبق عليها ما أورده فضيلة الشيخ الثبيتي وحذر منه، حيث قال: إن هناك من يصنع أثرا له بريق؛ لكنه مجهول الطريق ويكون الأثر له آثار سلبية على المجتمع.. قال جل من قائل «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».