عبدالله محمد الشهراني

اقلب الهرم ترى التميز

الأربعاء - 26 أبريل 2017

Wed - 26 Apr 2017

ما زال الهرم الإداري التقليدي مسيطرا على أغلب الشركات في العالم، وربما إلى 100% بالنسبة لشركات الطيران، حيث يتربع على قمته الرؤساء التنفيذيون، يليهم الإدارة الوسطى (شغلتهم زي الأم في البيت، ترضي الأب «التنفيذي» وتسمع كلامه، وتحب الأبناء «الموظفين» وتلبي طلباتهم، بس أهم شيء أبوكم لا يزعل)، يلي هذه المجموعة طبقة الموظفين وهم جذع الشركة وأساسها المتين، ومصدر الدخل وواجهة الشركة، ومنفذ القرارات، ومؤشر السمعة، نجاحهم وتفوقهم ينعكسان مباشرة على أداء الشركة وأرباحها.



شخصيا أميل إلى شعار «الموظف أولا»، لأن نتائج تطبيق استراتيجية هذا الشعار سوف تنعكس بدون أدنى شك على رضا العميل، فمن الطبيعي أن نرى تميزا في الخدمة المقدمة للعميل إذا كان الموظف في حالة سعادة ورضا. فتطبيق شعار «العميل أولا» ربما أصبح فكرا إداريا قديما لا يراعي إلا العميل والعميل فقط، فتنتج عنه خدمة لا ترتقي إلى توقعات العميل مقارنة بشركة أخرى في مجال آخر. إن العالم أصبح قرية وأغلب الشركات أصبحت أكثر التصاقا بالعميل، وعليه فقد غدا العميل قادرا على أن يميز بين شركة وأخرى، ويستطيع أن يتوقع شكل الخدمة وجودتها قبل الحصول على المنتج، ولكي تتميز بين الشركات لا بد من مفاجأة العميل (مو معناها تجيب العيد فيه!).



أعلم أن قلب الهرم الإداري ليس بالسهل، وهو ثورة في ثقافة أي شركة، وخصوصا الشركات في دول العالم الثالث، والتي اعتادت على رفاهية التنفيذيين ونفوذهم (تمام يا فندم).

إن قلب الهرم يعني صلاحيات كبيرة ومهام أكبر تعطى لشباب الكاونترات وملاحي الطائرات ورجال الخدمات الأرضية...إلخ. لم يعد الاعتذار للعميل بالأمر السهل، لقد سئم الناس من العبارات غير المجدية، بل وباتوا يعتبرونها نوعا من الكذب، وليس من العدل أن نطالب الموظف البسيط الذي لا يملك الصلاحيات بالاعتذار للعميل، وإن فعل ذلك فسوف يسمع من العبارات ما هو قاس ومؤلم، وفي المقابل أيضا لو تعرف الموظف على عميل لديه ولاء كبير للشركة التي يعمل بها، فإنه أيضا لن يستطيع أن يقدم له شيئا ملموسا يكافئه به، إلا لو كانت لديه حزمة من الصلاحيات التي يستطيع التحرك بواسطتها لإدارة أي موقف يواجهه.



عفوا سيدي هذا نظام الشركة، هذه ليست من صلاحياتي، اذهب للمدير المناوب.. إلخ، عبارات لا بد أن تتوقف أي شركة عن استخدامها، وتبدأ في تمكين موظفيها من القيام بجميع المهام دون الرجوع إلى مدرائهم وإضاعة وقت العميل، ولن يحدث ذلك إلا بعد حصر جميع المهام التي يذهب بها الموظفون إلى مدرائهم للحصول على الاستشارة أو الموافقة.



إن التدريب والذي تذهب أغلب ميزانيته إلى كبار التنفيذيين لا بد أن يتحول إلى الموظفين، فهو (أي التدريب) الأداة التي تمكن الموظف من التعامل مع العملاء باحترافية بجانب خبرته. إن صوت الموظفين لا بد أن يكون مسموعا وبشكل دوري داخل الشركة، وكم هو جميل أن توفر الشركة اجتماعا نصف سنوي على أقل تقدير يجتمع فيه الموظفون والتنفيذيون لطرح مشكلات ومعوقات التشغيل، وماهية الحلول المقترحة التي يراها الموظفون لتجاوز تلك المعوقات، إضافة إلى سماع ومناقشة الأفكار الجديدة التي يقترحها الموظفون، والأهم من ذلك كله هو وضع خطة لتنفيذ الحلول والأفكار المقترحة حتى لا يتصور الموظفون أن الاجتماع كان مجرد امتصاص حماس وفضفضة.



من الطبيعي أن نرى من يسيء استخدام الصلاحيات، لكني لا أتوقع أن يكون عددهم كبيرا، فليس من الحكمة إلغاء فكرة سوف تحدث نقلة نوعية تخوفا من إساءة استخدام الصلاحيات من قبل البعض. امنح الصلاحيات بسخاء للموظفين ومارس دورك الرقابي بحزم «فمن أمن العقوبة أساء الأدب». إن الشركة الناجحة هي التي تهتم بموظفيها وليس فقط بكبار التنفيذيين. فقط حاول أن تقلب الهرم وسوف ترى التميز في كل شيء.



[email protected]