عبدالله المزهر

الغول والعنقاء والخصم الشريف

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 26 أبريل 2017

Wed - 26 Apr 2017

مع أني لا أحب أن أشفق على أحد خاصة الوزراء ومن في حكمهم، إلا أن أكثر شخص أشفقت عليه في الأيام الأخيرة هو وزير التعليم، فقد تعرض بعد الأوامر الملكية الأخيرة إلى حملة من « قلة الأدب» في وسائل التواصل بحجة أنه كان يرفض فكرة تغيير التقويم الدراسي، ثم فرضت عليه من خلال الأمر الملكي.



وتم تصوير الوزير وكأنه خاسر في معركة مع الناس، وأن كل عمله فاشل ولا يستحق التقدير. وبغض النظر عن عمل الوزير وإجادته من عدمها، إلا أن أسباب مهاجمته لا تتوافق مع كمية البذاءة والإسفاف التي تعرض لها.



ويبدو لي أن عمل وزير التعليم وشعبيته يقاسان بشيئين لا ثالث لهما، الأول هو عدد أيام الدراسة التي يعلقها، والثاني هو الاستعراض ودغدغة مشاعر الجماهير بأشياء لا تعني أي شيء على أرض الواقع. ولذلك كان الوزير السابق أكثر وزراء التعليم شعبية وجماهيرية منذ اختراع فكرة المدارس.



وأرجو ألا يفهم أني ضد نقد أو حتى مهاجمة الوزراء والمسؤولين والمسؤولات، الأحياء منهم والأموات، لكن أظن أن العهد الذي بيننا وبينهم ـ أي المسؤولين ـ هو العمل والإنجاز، فمن تركهما أو قصر فيهما فقد نقض العهد الذي بيننا، وهذا يعني حق الناس في نقد وحتى «تسفيه» العمل نفسه، أما الشتائم الشخصية فإنها ليست نقدا ولا علاقة لها بالنقد.



لكن وسائل التواصل الاجتماعي ونجومها الجدد يعتبرون الشتيمة عملا وطنيا، وأن مجرد الاختلاف في الآراء أو أسلوب العمل يعني أن يصبح عرض هذا المختلف حقا مستباحا.



وعلى أي حال..



فلعل الفائدة التي يفترض أن يخرج بها وزير التعليم ووزارته بعد الأوامر الملكية الأخيرة هي ضرورة تدريس وترسيخ مفهوم الاختلاف مع الآخرين في المدارس منذ السنة الأولى. وأن يعرف الطفل قبل أن يتعلم الحروف والأرقام بأن هذا الكوكب مليء بالبشر المختلفين، الذين يقولون أشياء لا نتفق معهم ولا نؤيدها، ولهم عادات غير عاداتنا، وأن هذه الأشياء ليست مبررا كافيا لاستباحتهم واعتبار شتمهم مما يتقرب به إلى الله. وأن يتعلموا كيف يكونون خصوما شرفاء، فالخصم الشريف أهم وأكثر ندرة من الصديق الوفي.