شاهر النهاري

هياط المهرجانات

الثلاثاء - 25 أبريل 2017

Tue - 25 Apr 2017

مما يحسب للمجتمع السعودي أنه يشارك في اختلاق بعض الكلمات ذات الدلالة، وما يلبث أن يضيفها لقاموس اللغة العربية دون استئذان مجمع اللغة العربية، والذي عرف عنه تعقيد المطلوب، لدرجة الضحك.



ومن هذه الكلمات المستحدثة، كلمة هياط، والتي لو فكر فيها مجمع اللغة، لفسرها بأنها كلمة تدل على مبالغة الشخص، فيما يفعل كرما منه، وبغرض استجلاب مديح الناس، والسمعة، على غير وجه حق.



والهياط كان في بداياته يوصف به قليلو الثقافة، والمتواضعون علميا، وكان حينها مقبولا بعض الشيء، باعتبار أن العقل يرفضه.



ولكن ما يحدث في الوقت الحالي أن الهياط قد أصاب مختلف طبقات المجتمع، حتى وصل إلى طبقات المثقفين، والكارثة العظمى أنه شمل أيضا الوزارات، والمؤسسات الحكومية، وكبار المسؤولين.



والحكاية أن الجميع في الأوقات الحالية إما أنهم يسعون لعمل مهرجانات، وإما يشاركون فيها، وإما يكتبون عنها، حبا بالمهايطة.



مهرجانات للمعاقين، واليتامى، والمرضى، والأسر العاملة، وغيرها من الفئات، التي فعلا تحتاج إلى تشجيع، وتطويع لحياتهم، ونظرة أجمل لمستقبلهم.

ولكن، الهياط هو البلية، التي تصيب النوايا.



فنجد التبرعات تجمع من أهل الخير، ونجد الشركات تقوم برعاية المهرجان، ونجد لجان التنسيق والتنظيم، والتي يكون أكثرية أعضائها متطوعين.



وتبدأ عمليات الصرف على سكن، وطيران، ودعوات، وشهادات، وهدايا ورقية وكريستالية، وزهور، وديكور، ومشروبات، ومأكولات خفيفة.



وعندما يأتي الدور على من يتم الاحتفال بهم، يعطون من الوعود الكثير، بمجرد أن يحضروا، وأن يحكوا عن معاناتهم، وربما يتم إلباسهم ملابس لائقة، وتدريبهم على ما يقولون، وما يجب أن يفعلوا.



ويحضر الضيوف الكبار، وتؤخذ الصور، وتنقل وكالات الأنباء الأخبار، وتزدحم مواقع التواصل بالحديث عن هذا المهرجان.

ويتم توزيع الشهادات، وتقديم الهدايا الثمينة لراعي الحفل، ولمن يجاورونه، ولمن يكون للهياط عندهم قيمة مذكورة، في الدرجات العلى.



وينتهي المولد، ويجد المحتفل بهم أنهم كانوا مجرد زينات، تم رصها على جوانب المهرجان، وأن الخير، والتبرعات، والميزانية، لم تكن إلا للهياط، الخالص، والذي يقصد به تكريم القادرين، وإهمال المحتاجين.



عندما يهايط شخص بأن يبذر أو يغرق ضيفه بأنواع من الكرم غير المحبذ، فيقع ضرره فقط على نفسه، ولكن مهرجانات الهياط تضر أشخاصا نعرف أنهم يساقون مكتوفي الأيدي للظهور الإعلامي، وللحديث عن مساعدات وكرم، لم ينالوه، وهذا يزيد من أعداد المحتالين المستفيدين من تلك المهرجانات، ويزيد من الضحايا، ممن لا ينالون إلا ورقة، بأنهم حضروا المهرجان.



المهرجانات تحتاج إلى أعمال رقابية، ومحاسبة، وتنظيم وعقاب لمن يستغلها للكسب المادي، أو لمجرد الهياط.

ولو كان الأمر طبيعيا لطالبت نزاهة بأن تقوم بتلك الأعمال الرقابية، التي سيعود نفعها على فئات المجتمع المحتاج والمحتفى بهم، ولكني أعلم أن الأمر سيتحول إلى طريق فرعي لا نعرف في آخره أين تقع أذن حبشي.



لذلك فأنا أتمنى من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تطلب من كل من يتقدم بطلب تصريح لمهرجان معين، أن يثبت بالأوراق الرسمية بأنه قد قام بمساعدة الفئة المستهدفة بكامل مبالغ الرعاية والتبرعات، وأنه لم يسمح للهياط أن يسيطر، وبذلك نخلص ثقافتنا وذممنا من هجوم غوغائية الهياط عليها بشكل مرض، يسمى عند العارفين بالخصوصية.



[email protected]