صفر نفايات نحو تنمية بيئية مستدامة

الاثنين - 24 أبريل 2017

Mon - 24 Apr 2017

تعد النفايات الصلبة من المشكلات البيئية البارزة على مستوى العالم ومصدر من مصادر تلوثها، وتعمل على تشويه المنظر العام، وذلك بسبب تزايدها بشكل عام وعدم اتباع الطرق المناسبة في عمليات الجمع والنقل والتخزين ومعالجتها والتخلص منها. ولعل أبرز المشاكل التي تواجه المدن والتجمعات البشرية هو التخلص السليم من النفايات وفق المعايير البيئة والصحية.

زيادة معدلات النمو السكاني للمملكة العربية السعودية وارتفاع مستوى المعيشة والزيادة المطردة للنزوح إلى المدن أدت إلى زيادة في معدلات تولد النفايات بكميات كبيرة وصلت إلى 15 مليون طن سنويا. هذه الكمية من النفايات تتناسب وبشكل طردي لأي مدينة أو منطقة إدارية بالمملكة مع الكثافة السكانية والاتساع العمراني. فمعدل إنتاج النفايات يرتفع سنويا بناء على الزيادة السنوية لتعداد السكان بالمملكة التي قدرت بـ 3.4%. وبالتالي فكمية النفايات المتولد قدرت بأنها في عام 2030 م ستكون أكثر من ضعف النفايات المتولدة في الوقت الحاضر.

ومما يزيد الأمر تعقيدا أن كثيرا من مرادم النفايات بالمملكة وصلت إلى طاقتها القصوى، كما أن هنالك صعوبات كبيرة تواجه كثيرا من الأمانات لإيجاد مساحات مناسبة لبناء مرادم جديدة بالإضافة إلى التكاليف الباهظة لبنائها.

دفن النفايات دون الاستفادة منها يعني أن مئات من الأطنان التي تحوي مواد قيمة تهدر دون أن يتم تدويرها والاستفادة منها كمصادر لتوليد الطاقة بالإضافة إلى الأضرار البيئية التي يمكن أن تسببها.

هذا الكم الكبير من النفايات المتولدة حاليا والزيادة الكبيرة المتوقع تولدها بالمستقبل جعلا من أهم مهام الأمانات أن تعمل على وضع استراتيجية لرفع كفاءة إدارة المخلفات البلدية الصلبة، ومواكبة التقنيات الحديثة والمتجددة لإحداث التطور اللازم في هذا المجال، وتحقيق أعلى مستويات الجودة ومعايير الخدمة، ولذلك نجد أن المملكة العربية السعودية جعلت من أهم أهداف «رؤية المملكة 2030» هو الوصول لنظام متكامل لإدارة المخلفات البلدية الصلبة، للحد من التلوث، وتقليل كميات النفايات التي تحتاج إلى دفن والاستفادة منها اقتصاديا.

فالنظام المتكامل لإدارة النفايات البلدية الصلبة يشمل سلسلة من العمليات والبرامج المترابطة بحيث تنسجم مع الجدوى الاقتصادية إلى جانب الاعتبارات البيئية والتشريعات والقوانين، وذلك لتحقيق أعلى معدلات الصحة العامة ودرء تلوث البيئة المحيطة، والاستفادة من مكونات النفايات لتقليل الكميات التي ينبغي دفنها تحقيقا لصفر نفايات (Zero Landfill).

اعتماد التسلسل الهرمي يمكن أن يقود إلى وضع استراتيجية متكاملة لإدارة المخلفات البلدية الصلبة بالمملكة في محاورها الأربعة (4Rs) وهي التقليل، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، واستخلاص الطاقة بإنتاج الغاز الحيوي من المواد العضوية وتوليد الطاقة من حرق النفايات.

ونجد أن الدول الأوروبية اعتمدت نظام التسلسل الهرمي منذ عام 2008. واستطاعت من خلال هذا النظام أن ترتقي بنظم إدارة المخلفات البلدية الصلبة فارتفعت معدلات تدويرها، وزادت معدلات المعالجة البيولوجية للمواد العضوية، وحرق النفايات القابلة للحرق لتوليد الطاقة، مما ساهم في تقليل كميتها التي تحتاج إلى دفن. ومن أكثر الدول الأوربية تقدما في مجال إدارة النفايات ألمانيا وسويسرا اللتان استطاعتا من خلال اعتمادهما نظام التسلسل الهرمي أن ترتقيا بنظم إدارة المخلفات البلدية الصلبة وتحققا صفر نفايات، في حين أن السويد وهولندا حققتا معدل 1%، والنرويج والدنمارك حققتا معدل 2%، والنمسا 4%.

ومن أكثر الدول التي استطاعت أن تستفيد من النفايات في توليد الطاقة هي السويد. فمن خلال عملية حرق النفايات كانت الطاقة المتولدة للتدفئة والكهرباء ما يعادل 1.1 مليون متر مكعب من النفط، مما يقلل من انبعاث ثاني أكسيد الكربون (CO2) بمقدار 2.2 مليون طن سنويا. ولقد بدأت السويد في برنامجها لتخفيض معدل النفايات التي تحتاج إلى دفن عام 1975 واستطاعت خلال 40 عاما (1975 – 2012) أن تقلل كمية النفايات التي تحتاج إلى دفن، وذلك بزيادة معدلات تدويرها ومعالجتها بيولوجيا وحرقها لتوليد الطاقة فحققت معدل 1% دفن نفايات.

ونجد أن برامج وخطط تطوير نظم إدارة المخلفات البلدية الصلبة بالدول الأوربية اعتمدت في المقام الأول على التوعية البيئية وفصل النفايات من المنبع. حيث فصلها يعد حجر الأساس لكثير من التقنيات المتطورة والمستخدمة لتدوير النفايات واستخلاص الطاقة منها.

ولتحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» في صورة مرحلية نجد أن «برنامج التحول الوطني 2020» يهدف للوصول لنسبة 40% للنفايات المعالجة من مجموع النفايات، وخارطة الطريق التي يمكن أن تساهم في تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني في محور البيئة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

• تطوير الخطط التشغيلية لزيادة استخدام الكنس الآلي وتقليل العمالة.

• بناء قاعدة للمعلومات (كمية النفايات، مكونات النفايات، معدل إنتاج الفرد من النفايات، الخواص الفيزيائية والكيميائية للنفايات).

• دراسات تجريبية: لإنتاج الغاز الحيوي، الكهرباء، السماد العضوي من النفايات.

• تبادل المعلومات والزيارات للدول والمراكز البحثية المتقدمة في مجال إدارة النفايات.

• التوعية البيئية.

• بناء القدرات وزيادة كفاءة العاملين.

• القوانين والتشريعات لحماية البيئة ولتشجيع الاستثمار في مجالات التدوير واستعادة

الطاقة.