لعبتي البلاستيكية

السبت - 22 أبريل 2017

Sat - 22 Apr 2017

كنت جالسة في زاوية من الحجرة تائهة الفكر استرجع سنين عمري، هل حقا أنه مر على وجودي في الحياة ثلاثون سنة؟

كيف مرت تلك السنوات؟ ماذا جنيت منها؟ أين كنت؟ وأين أنا اليوم؟ ألتفت ورائي فلم أر إلا ظلي، هذا هو واقعي، أنا لست الماضي المنصرم، ولا أنا المستقبل المجهول، ولكن، أتذكر ذلك اليوم الذي وبدون سابق إنذار، شعرت بشيء غريب يسكنني، كانت المرة الأولى التي يرهقني صدري، فقد ضاق وكأنه يعصر مثل البرتقال، وترجع الأصوات تطن في إذني وكأنني أعود بالزمن إلى الوراء، إلى تلك الغرفة التي تجمعت فيها البراءة بألوانها، أصوات بريئة تلعب بالدمى، وتتخيل حكايات ألف ليلة وليلة، هذه الدمية هي الأمير فوق حصانه الأبيض ينطلق لإنقاذ أميرته ليتزوجها، وفجأة أسمع صوت البراءة في داخلي وكأنه تلطخ (عيب يا بنت هذا التفكير)، ولكنني أستمر في تخيل أحلى القصص: كيف كان ذلك الأمير الشجاع يتصدى للوحوش الضارية لينقذ من جعلت قلبه ينبض بصوت أعلى، تلك الأميرة المسجونة في برجها العالي، وتنشد أن يأتيها أميرها ويحررها من تلك القيود لتعيش في كنفه، وتحت رعايته حرة طليقة، هذا الأمير سمعت عنه في سن مبكرة من أقرب الناس إليها، قريبا سوف تتزوجين يا بنت، وما زلت ترسمين، مصطحبة بضحكة على أنها سخرية، تكبر ونفرح بها يا رب، ما شاء الله سوف أخطبها لولدي.

وكل عبارة من هذه العبارات كانت مصحوبة بتنهد عميق، كان في أيام البراءة بلا عنوان، أما اليوم فقد عرفت أنه تعبير عن الحسرة واليأس بأن سيكون حظي أحسن من حظ الكثيرات من أترابي.

لماذا بعد كل هذا الانفتاح والتعبير المباشر عن الارتباط بالجنس الآخر وبحضوري، إذا لعبت لعبة الأمير والأميرة كنت أسمع كلمة (عيب)، ما كان ذنبي؟ فأنا أجسد بلعب بلاستيكية الحكايات والأمنيات التي أسمعها منك أيها الصوت المألوف.

كان عمري خمس سنوات، ما أحلى تلك الأيام لو أنها استمرت وطالت، ففي سنين البراءة حماية ربانية تمسح من ذاكرتنا المآسي والأحزان لنستمر.

لماذا؟ وفي سن مبكرة يشرعون في تخطيط مصيرك، ألم يخلق الإنسان مخيرا؟ فقد اختاروا وقرروا بمصيرك أيتها الزهرة، فلم يكن ذلك الصوت المألوف يرى فيك إلا الأنثى التي لو تحررت لأكلتها الذئاب، فأنت ناقصة عقل ودين!

وبنظرة حب، كنت الرقيقة الضعيفة التي يجب الخوف عليها وحمايتها، فأدخلوا في قلبك الخوف بدل أن يعلموك الشجاعة.

وهنا سؤال يطرح! من قال إنني ضعيفة؟ هنا سوف نجد الكثير يردد الجزء من الآية القرآنية «وليس الذكر كالأنثى»، وبصوت عال أقول: نعم، لست مثلك أيها الأمير، فأنت أقرب للأخذ من العطاء، المشكلة ليست فيه «هو» فقد خلق هكذا، المشكلة فيمن لم يعلمني كيف أطالب بحقي بكل شجاعة، وإن لم يمنح لي أخذته عنوة بقوتي التي منحها لي ديني.

إذا رأيتم الضعف في عقلي فعلموني، وإذا رأيتم الضعف في جسمي فقووني، وإذا رأيتم الضعف في خلقي فربوني، ولكن لا تسجنوني، فإنني خلقت لأكون خليفة الله في الأرض، خلقت لأعمر الحياة وأنجز وأبني جسور السعادة والتآلف، فبقوة الأنوثة يتم هذا، ففينا الحكمة ونحن أقرب للوعي.

وبالرغم من أنانيتك أيها الأمير، فإنك تشتمل على محاسن لا أنكرها، ولا أستطيع العيش بدونها، فالأميرة تحبك أيها الأمير.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال