باسم سلامه القليطي

التعليم يطلب تكميم التعصب

الجمعة - 21 أبريل 2017

Fri - 21 Apr 2017

كثيرا ما ننتقد التعصب الرياضي في البرامج والصحف والمجالس وننبذه، ولكننا للأسف في الغالب نتبناه من حيث لا نشعر ونمارسه فيما بيننا بنسب متفاوتة من درجة متعصب على استحياء إلى درجة متعصب لم يبق بوجهه ماء، والمضحك أن كبار المتعصبين يتبرؤون منه كذلك، مسكين هذا التعصب الرياضي، ينتقده الجميع وكأنه بلا أب ولا أم، أو أنه لا يصدر من قلم وفم.

لاعب يلعب، يخسر ويكسب، يتسلم مرتبا، ومشجع يتعصب، يثور ويغضب، يمرض ويتعب، كم فرق التعصب بين الأصحاب، وكم كان سببا في جلافة الخطاب، أطرح تساؤلات ولا أنتظر جواب.

كم أحزن على أولئك الصغار الذين أدخلهم آباؤهم للرياضة والتشجيع من باب التعصب القبيح، فلا عرفوا معنى التنافس الشريف ولا مفهوم التشجيع الصحيح، كل الذي تعلموه أن فريقهم دائما مظلوم، وأن الحكم غشاش، والفرق المنافسة لا تنتصر إلا بالمكائد والتحكيم، تشربوا التعصب الرياضي برعاية أبوية غبية، تتعامل مع الأمر بشيء من المزاح والضحك، ثم تستيقظ على عبارة: كش ملك، مبروك! ابنك البار أصبح متعصبا
باقتدار.

الجميع ينتقد التعصب الرياضي والجميع يتضايق منه، لكن القليل من فكر في إيجاد حلول ناجعة، وإصدار قوانين رادعة، ومن ذلك القليل ما فعلته وزارة التعليم، حيث قامت مؤخرا بتحديد (11) آلية أساسية لمعالجة ظواهر التعصب الرياضي، اشتملت على إجراءات وقائية وعقد ملتقيات وندوات توعوية، وتنفيذ برامج وأنشطة تنبذ التعصب الرياضي والدعوة إلى تعزيز أخلاقيات التنافس الشريف والتسامح بين الطلاب ومعالجة سلوكيات التعصب الرياضي من خلال التوجيه والإرشاد. وجميع هذه الآليات رائعة ومؤثرة، بشرط أن تطبق على أرض الواقع وتنفذ، أما أن تكون مجرد حبر على ورق، فلا خوف ولا شيء يدعو إلى القلق، فالتعصب الرياضي لا خطورة فيه سوى أنه يدعو صاحبه إلى الغضب والكره والتوتر النفسي وعدم تقبل الرأي الآخر، وتحويل التنافس الرياضي الشريف إلى صراع وجودي عنيف، ومن كانت هذه صفاته فلا تستغرب كثرة مشاكله واضطرابه الدراسي، فهو مشغول في خدمة (الشعار) و(الكيان)، وودع التعليم والاجتهاد إلى عالم النسيان.