لتتعلم بعض الدروس الإدارية.. توجه إلى الصحراء!

الخميس - 20 أبريل 2017

Thu - 20 Apr 2017

التدبر والتفكر فيما حولنا أحد أهم مصادر التعلم لدى الإنسان، فعند ممارستنا للتدبر، نستكشف أشياء جديدة قد لا نلاحظها مع كثرة انغماسنا في حياتنا اليومية. الصحراء تعتبر مصدر إلهام لمن أراد أن يتعلم منها شيئا من علوم الإدارة والتنمية البشرية وبالذات مهارتي إدارة الوقت والتمكين. الصحراء وحياة البادية تتطلب التميز في هاتين المهارتين وإتقانهما من أجل إجادة إدارة الموارد من بشرية وحيوانية أو بيئية. هنا سنسرد كيف يتم ذلك:

أولا إدارة الوقت: قيل في الأثر «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك». إدارة الوقت مهمة جدا وجاءت علوم الإدارة بنظريات وأساليب لتنظيم الوقت، فهناك لائحة المهمات اليومية والدورية، البرامج الالكترونية وحتى مراقبة الوقت أثناء الاجتماعات والمحاضرات.

بالغوص داخل تفاصيل اليوم الصحراوي سنتعرف على مهارة إدارة الوقت، حيث سنسلط الضوء قليلا على كيفية إدارة الوقت في الصحراء وكيف مكنت هذه المهارة قاطنيها من تسخير الوقت لصالحهم للحصول على مبتغاهم في الإنتاجية وتحقيق الأهداف.

إدارة الوقت في الصحراء تدار حسب موسمين رئيسيين هما الشتاء والصيف. كل موسم له طقوسه ومتطلباته وكيفية إدارة الوقت فيه لصالح المجموعة كاملة من أفراد أو جماعات، إبل وأغنام أو حتى بيئة. في الشتاء يبدأ اليوم قبل صلاة الفجر بقليل استعدادا للصلاة، وذلك بإشعال النار وتدفئة المياه للوضوء.

بعد الصلاة يبدأ تجهيز الإفطار وحلب الإبل والأغنام وترضيع صغارها ومن ثم الانطلاق للمرعى بعد الشروق بفترة وجيزة. للشتاء مهمات خاصة من تحطيب وغيره من مهمات خاصة لفصل الشتاء سواء للرجال أو النساء. لكن المهم هنا أن وقت النهار قصير جدا لذلك لا يكون هناك وجبة غداء رئيسية إنجازا للمهمات قبل المغيب. الجميع يأكل ما تيسر له أثناء اليوم. العودة للمأوى تكون قبيل المغيب بفترة حتى ترضع صغار المواشي وتحلب كبارها قبل اشتداد برودة الجو. من ناحية أخرى، تختلف إدارة الوقت في الصيف، حيث يبدأ النهار مبكرا نظرا لقصر الليل، لا يوجد الكثير من المهام لذلك ينطلق الجميع مبكرا قبل الشروق للرعي، اتقاء قيظ النهار. يعود الجميع قبيل منتصف النهار واشتداد الحرارة طلبا للماء، الطعام، القيلولة لتعويض ساعات النوم القليلة ليلا. صغار المواشي لا تذهب للمرعى بل يجهز لها مكان للوقاية من قيظ الصحراء، بل هي تشارك في القيلولة منتظرة عودة الكبار من المرعى. الرجوع يكون متأخرا بعد المغيب قليلا نظرا للفاصل النهاري الذي يمتد حتى انكسار أشعة الشمس.

ثانيا التمكين: عرف مرديث وموريل في كتابهما «تمكين الموظفين» الصادر عام 2000 التمكين بما معناه بأنه «إعطاء سلطة وصلاحية لشخص ما ليتولى القيام بمسؤوليات أكبر وأوسع من خلال التدريب والثقة والدعم العاطفي».

في الصحراء، يتم ذلك من خلال إعطاء مهمات أكبر للناشئة من أفراد الأسرة. يكون التمكين ظاهرا في حالات كثيرة منها: الانتقال من مكان إلى آخر، البحث عن دابة مفقودة، لاكتشاف مكان أفضل للمرعى أو حتى في التعامل مع واجبات الضيافة. في حالة الانتقال مثلا، يوجه المكلف بالمهمة توجيها دقيقا متدرجا في الوصف بإعطائه علامات للانتقال من مكان إلى آخر. مثلا يقال للصبي اذهب إلى ذلك الجبل أولا، اصعده، سترى واديا به نوع معين من الشجر.

واصل مسيرتك جاعلا الوادي على ميمنتك، سر لمدة معينة حتى تصل إلى مكان محدد، انجز المهمة المحددة سلفا، وانتظر حتى نوافيك آخر النهار. هنا نجد متطلبات التمكين من تحديد المهمة، تزويد المعلومة، الالتزام، الدعم، وإعطاء الثقة والصلاحية لإزالة العقبات ومن ثم المساءلة الذاتية لإنجاز المهمة. ختاما، إدارة الوقت والتمكين هما أحد أساسيات إدارة المجموعة لتأدية المهمات وتحقيق الأهداف التي تعتبر صعبة وغير ممكنة على المسؤول في حالة عدم التميز فيهما معا.