الشباب و”الأندية الأدبية” و”الثقافة والفنون”

الأربعاء - 19 أبريل 2017

Wed - 19 Apr 2017

اليوم هو زمن العمل الثقافي الحر عبر مؤسسات وروابط المجتمع المدني بعيدا عن الرتابة وضعف الإمكانات، في ظل وجود مثقفين وكتاب شباب مجايلين لعصر الانفتاح على الثقافات العالمية من خلال تقنيات الإعلام والاتصال؛ الأمر الذي يجعل المسؤولية الثقافية اليوم في الفضاء العام لا الخاص (النخبوي) من خلال نشر الثقافة وإعادة إنتاجها، وخاصة أن المزاج العام للمجتمعات اليوم يعد كما هو قبل عشر سنوات، نتيجة تبدل الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم العربي، وبالتالي، فإن تنظيم الندوات والمحاضرات والتعليق على هامشها لم يعد وحده كافيا دون رفده بتفاعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لكي يعم النفع العام، واستقطاب الشباب الراغبين بالعمل في الشأن الثقافي.



ولكي لا يذهب الوقت والجهد لمعظمنا سدى وسط الجدل العقيم الذي لا يصل إلى حالة أدنى من الحوار المحفز على الإبداع أو البحث والتقصي على الأقل، ولا إلى الفعل الثقافي الناقد والبناء.



هنا يبرز الدور المفترض والمحوري للمؤسسات الثقافية التي يجب أن تواكب توجهات الدولة في “برنامج التحول الوطني 2020” و”رؤية المملكة 2030”، باستقطاب الشباب وتمكينهم من الفعل الثقافي التطوعي، ولذا بكل شفافية أقول إن ذلك يحتاج فهما وإدراكا عميقا لماهية الثقافة ومفهومها القائم كبناء تراكمي معرفي، بعيدا عن التسطيح القائم على الاجتهادات الثقافية الشخصية (الهامشية) التي أفرزت فشلا في استقطاب المثقف الفاعل من جانب، ودعم تكوين المثقف المبتدئ من جانب آخر.



ومن المعلوم أن مكونات الثقافة تتغير وتتطور من خلال ولادة سبل وطرائق جديدة لنشرها وفق خطط محكمة، ولهذا يفترض بالأندية الأدبية وفروع جمعية الثقافة والفنون -والمراكز الثقافية أيضا- أن تتجه نحو “التحول” الثقافي الحقيقي عبر تمكين الشباب وإعدادهم، لكي لا يتوقف وجود المثقف السعودي ودوره على أجيال سابقة، ولكي تمثل المؤسسة المثقف ويمثلها، كما هو الحال في كل مؤسسات الثقافة العامة والخاصة في العالم. الشباب هم الركيزة الأساسية للمجتمع السعودي ويفترض أن يمثلوا مصدر قوة الجانب الثقافي بعيدا عن تسميم الأفكار وتوجيههم نحو التطرف عبر الجماعات الإرهابية التي تجندهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والحوادث التي حصلت في مجتمعنا السعودي خلال عامين مضيا تؤكد على اتجاه الجماعات الإرهابية إلى هذا الاتجاه، حيث تبدو علاقة المراهقين بهذه الوسائل علاقة حميمة تنعكس على تكوينهم المعرفي والاجتماعي بما يكتسبونه منها من معارف وعلاقات اجتماعية، الأمر الذي أفرز “تسطيح” الأفكار من جانب، و”الهوة” الثقافية المؤدية إلى فقر المجتمع ثقافيا من جانب آخر. وبما أن مؤسسات الثقافة لم تعد بمعزل اليوم عن الاتجاه نحو التحول في طبيعة عملها، فإن إعادة هيكلتها وخصخصتها قد يكون حلا مناسبا لإيقاف الهدر المالي المستمر من جهة، وقلة الموارد من جهة أخرى، شريطة أن يكون الإشراف عليها هو دور المؤسسة الحكومية الأم؛ لكي تسهم في احتواء الشباب واستقطابهم وإكسابهم الكفاءة العالية في البحث عن المعرفة وإنتاج الثقافة التي يمثلونها.