تضارب المصالح والمنافسة وتأثيرهما على الشركة

الأربعاء - 19 أبريل 2017

Wed - 19 Apr 2017

يقوم الأفراد بتأسيس الشركات لأسباب عدة من ضمنها عدم تحمل المسؤولية القانونية في شخصهم مباشرة وتحويل هذه المسؤولية للشركة «الشخصية القانونية» التي أنشئت، وعبر «الشركة» يتم التعامل مع الأفراد بصفة مؤسسية وليس شخصية. وهذا الوضع القانوني يجعل التعامل مع الشركة بالرغم من احتمال قصد التعامل من الشخص الذي أسس، أو أسهم مع غيره في تأسيس هذه الشركة. من هذا الوضع، فإن التعامل قد يرتبط بشخصين، أولهما الشخص الطبيعي «المخلوق من لحم ودم» وهو صاحب الشركة أو أحد مؤسسيها وثانيهما الشخص المعنوي أو القانوني المخلوق بقوة القانون وهو الشركة. وهناك تداخل بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي وبين تعاملنا معهما، وهذا التداخل أو الارتباط بهذين الشخصين المختلفين قد يستمر في اتجاهات عدة، مما يتطلب قيام كل من الشخصين بواجبات تفرضها الأنظمة واللوائح ذات العلاقة.

وحتى تكتمل الصورة، مثلا، يجب على الشخص الطبيعي القيام بتسجيل الشخص المعنوي «الشركة» لدى الجهات المختصة، دفع رأس المال، اختيار الاسم التجاري للشخص المعنوي وتسجيله والعمل على حماية هذا الاسم التجاري وما يرتبط به من حقوق. وفي نفس الوقت، يجب على الشخص المعنوي «الشركة» تنفيذ العقود المبرمة، الالتزام بمقابلة كل المسؤوليات، الحرص على تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها لتحقيق مصالحه ومصالح الشخص الطبيعي صاحب الشركة. والتداخل في ما بين اختصاصاتهما أمر أساسي، بل موجود كحقيقة واقعية ويستمر طيلة فترة بقاء الشركة.

مما تقدم يتضح وجود حالة ارتباط بين كل من الشخصين، الطبيعي والمعنوي وعليهما تحقيق التوازن الأفضل أو التوازن المتكافئ في العلاقة المتداخلة بينهما ومراعاة فصلها وفق ما تنص عليه الأنظمة والممارسات المؤسسية السليمة. والحالات المتداخلة موجودة بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، وهناك أدوار لكل منهما ويتم تنفيذها وكل دور هام ومكمل لدور الطرف الآخر. والأنظمة القانونية تسهب في توضيح صلاحيات أصحاب الشركة خاصة في شركات المساهمة العامة، حيث يكثر أصحاب الشركة وتتغير تركيبة ملاك الأسهم من وقت لآخر. فصلاحيات أصحاب الأسهم تحددها الأنظمة والقوانين النافذة، وكذلك الأمر بالنسبة لصلاحيات رئيس وأعضاء مجلس الإدارة طيلة فترة تكليفهم من المساهمين. وكذلك فالأنظمة واللوائح الصادرة بموجبها تحدد صلاحيات «الإدارة التنفيذية» للشركة وكل من يعمل معهم.

في إيجاز، فإن كل ما يقوم به الشخص الطبيعي في سياق عمله المرتبط بالشخص المعنوي يتم قبوله من واقع أنه محدد في الأنظمة أو لا يخالفها وينسجم مع أهداف الشركة ويخدم تطلعات ملاك الشركة وكل أصحاب العلاقة. ولكن هذا العمل يجب أن يتم تحت مظلة مصلحة كل الأطراف في الشركة. وهناك أشياء محددة يجب ألا يقوم بها الشخص الطبيعي لأنها محظورة، من أهمها تضارب المصالح ومنافسة الشركة. ومثل هذه الأعمال غير مقبولة على الإطلاق لأن الأنظمة واللوائح تمنعها، وكذلك كل المبادئ الإدارية الحديثة التي تتحدث عن الإدارة الرشيدة وحوكمة الشركات تمنعها تماما. وفي اعتقادنا، فإن هذا يهدف لمنع الشخص الطبيعي، وهو قد يكون العقل المدبر للشخص المعنوي، من استغلال هذه العقلية لصالحه على حساب الطرف الثاني الذي هو موجود بقوة القانون ولكن لا يستطيع أن يحرك ساكنا.

الأنظمة والممارسات الإدارية السليمة والأعراف المستقرة وغيرها، كلها تنادي بتجنب المصالح والابتعاد التام عن ذلك حتي تستمر العلاقة بين الأطراف وتسير في أمان وثقة وسلامة. وكل الأنظمة والقوانين تشترط صراحة على كل شخص طبيعي لديه مصلحة مباشرة أو غير مباشرة عدم كتمان هذه المصلحة والإفصاح عنها من أول وهلة، وبعد ذلك ترك الأمر للآخرين في الشركة لاتخاذ القرار الملائم بشأنه وشأنها.

ولهذا، فإن الكتمان وعدم الإفصاح بتضارب المصالح قد يقود إلى المساءلة القانونية للشخص الطبيعي المعني وعليه تحمل ما قد ينجم عن هذه المساءلة القانونية وكل النتائج المترتبة عن ذلك، وهذا أيضا ينطبق علي المنافسة في الأعمال التجارية للشركة أو المشابهة لها لأن الشخص الطبيعي هنا لديه معلومات داخلية وسرية ربما يستغلها لمصلحته أيضا على حساب الشخص المعنوي، ولذا فالمنافسة التجارية للشركة غير مقبولة بنص وروح القانون ما لم يتم الإفصاح عنها تماما وما لم تتم الموافقة صراحة بشأنها ووفق المعايير التي تحددها الأنظمة واللوائح الصادرة من الشركة سنتناول لاحقا بعض الضوابط والأمثلة المرتبطة بها.