لماذا تختلف أفكارنا

الاثنين - 17 أبريل 2017

Mon - 17 Apr 2017

مع مرور الأيام، تطور لدي إيمان عميق أن شخصية الإنسان تتكون وتتأثر بثلاثة عوامل: التعليم، والتجربة، والقراءة.

فالتعليم يغير حياة الإنسان ليكسبه مفاهيم أعمق في مجالات العلوم. وفي عصرنا المتسارع، لا يمكن اختصار التعليم على مناهج الجامعات والمدارس والمعاهد، فالتعليم يشمل كل ما يمكن أن يتعلمه الإنسان ويضيف إلى حياته شيئا جديدا، سواء كان نقلا عن بروفيسور في جامعة هارفارد أو عن صائد نمور في أدغال الأمازون، وفي شخصية كل إنسان في هذه الحياة أمر جيد يمكن أن يتعلمه الآخرون.

وتجارب الحياة هي وجه آخر من التغيير في شخصياتنا وأفكارنا. فالإنسان عندما يجرب يرى الاختلاف في هذا الكون الجميل، فمرارة الفشل تدلنا على نشوة النجاح، والاعتماد على الآخرين يعلمنا قيمة الاعتماد على أنفسنا، والصعوبات تقودنا إلى معرفة حدود إمكانياتنا. ومن القصص التي تركت أثرا في حياتي أنه في إحدى الليالي الجميلة، في مدينة شيكاجو، ذات الأبراج العالية والأضواء الساطعة، كنت مستقلا التاكسي، بصحبة عجوز أفريقي، جرب الحياة والترحال، فأخبرني بالمثل الأفريقي الذي يقول «إن الإنسان الذي يسافر إلى سبعة أماكن مختلفة في هذا العالم، يضيف سبع سنوات من الخبرة إلى عمره الحقيقي»، ولا أشك هنا ولو للحظه، أن السفر المقصود هو الذي يضيف لك مزيدا من التجربة والصعوبات، ومنه تتعلم عادات الناس المختلفة وأفكارهم التي غالبا لا تتفق معها.

والقراءة هي الوجه الثالث الذي به تتشكل أفكارنا، فالإنسان لديه عقل واحد وشعور واحد، وعندما نقرأ، ندرك اختلاف أفكارنا مع الآخرين، وشعورنا وتجاربنا معهم. وكما يرى عباس العقاد، رحمه الله، أن القراءة دون غيرها هي التي تعطي الإنسان أكثر من حياة واحدة. فلنتعلم ونقرأ ونجرب، فالحياة واحدة والكون فسيح. ولنقل: نعم، شخصياتنا تختلف، لأن تجاربنا وكتبنا ومصادر أفكارنا تختلف. والمجتمع الصحي والحضاري هو الذي يحتوينا بكل اختلافاتنا.