شاهر النهاري

فلسفة المتفجر

الاثنين - 17 أبريل 2017

Mon - 17 Apr 2017

البعض قد يتعجب من مجرد ربط المتفجر بالفلسفة التي تعتمد كليا على العقل المنفتح، وترتقي بالإنسان وأفعاله إلى درجات راقية في فكره ومفهومه وتصرفاته مع منظومات الحياة المتداخلة، الفلسفة التي تنتج أذكى الحلول، ولا تقف عند حائط، أو منعرج؛ بينما تكون تلك الجوانب الدموية متشبثة بالغباء، فلا يمكن تحديدها بمسارات عقلانية، نظرا لكون المتفجر يعيش في مسار ضيق أفقي عرضي طولي يجعله يشعر بأن ما يقوم به يندرج في مفهوم فلسفي ميتافيزيقي، متقبل لصعوبة البدايات، وشناعة الخطوات، وسوء النهايات.



فالمتفجر فلسفيا:

1. يمتلك كميات عظيمة من الكره والحقد والنقمة تغطي معظم مكونات ومجريات وحقيقة وجوده البشري وما يحيط به.

2. يمتلك نسبة كره واحتقار شديدين لذاته، بناء على ذنب عظيم قديم أو ذنوب متجددة يود لو ينتهي عنها، ولا يمتلك الإرادة أو الوسيلة للتخلص منها، إلا بطلوع الروح في لحظة توبة قصوى يرى أنها ستطهر نهايته للأبد.

3. شعور ثقة بأنه صنف من البشر النادر المخلص الصافي، المصطفى عند الله، والذي لا يقارن بأي صنف بشري آخر، فكأنه مخلوق ملائكي، وجميع البشر حوله يندرجون ضمن طبقة من المخلوقات الأقل قيمة وعقلا من الحيوانات، بل الأقرب إلى الشياطين.

4. فقد الثقة بالوجود الملموس المادي، وتعلقه بوجود الخيال الميتافيزيقي الغيبي، ويقينه القوي، بأنه مناضل يسير على الطريق الأسلم الأوحد للثقة والنقاء.

5. عدم قدرته على التفكير الثنائي، أو المتعدد أو المختلط، فلا يحتمل مسار عقله أي فرضيات جانبية تخالف فكرته الأصيلة عن حقائق الوجود المحيط، وعما هو مزروع في يقينه بطريقة التلقين، فينبذ أي معلومات مختلفة، ويحرم نفسه السؤال، ويعاشر الخوف والندم والبكاء من مغبة الشك، ويتشبث بالمفهوم الأوحد، المكرر، الطاغي على عقله ومشاعره وكيانه، ويردد الدعاء، والاستغفار، والبكاء بمجرد ورود أي فكرة مختلفة، مهما صغرت، تحاول الدخول إلى رأسه بصيغة وسواس قهري، يخرجه عن يقينه.

6. شعور بالتوحد العظيم، المهلك، فلا يعود يجد من يشاركه مفهوم حياته الآنية، أو يرسم سعادة على محياه، ليكون منعزلا في التعامل، إلا مع من يربط الحزام على وسطه، أو يدس المتفجر في مؤخرته، ويحتضنه بفيض مشاعر، وأمل بلقاء نصر ويقين بعد الخروج من حدود الوجود الزائف العاهر القذر إلى واقع أسلم وأبقى.

7. التعالي على درجات الألم، فلا يعود لحواس جسده أي قيمة، طالما أن الممر الصلد يؤكد وجود الانفراج في نهاية المسار الجارح الحارق الخانق، وأنه سيمتلك في نهاياتها من الحواس ما هو أفضل وأقوى وأشهى.

8. الثقة العمياء بالمعلم للنهج، والشارح للرؤية، والمفسر للآيات، والواعد بحسن الجزاء، ويقينه الأكيد بأن هذا المعلم يجب ألا ينفضح أو يموت، لأنه أبقى لتوجيه وتجنيد وتأهيل العديد من الضالين من الشباب الحائر، ممن يحتاجون لمن يدفعهم زرافات ووحدانا إلى تفجير أنفسهم في سبيل إعلاء الكلمة، والعزة في الدنيا، والسعادة في الآخرة.



والمعضلة العظمى في من يقوم بتعليمه تلك الفلسفة، أنه يكون محتالا، يعرف الفوارق بين الجانبين، فيطبق الصورة الغيبية بحذافيرها على المغسول دماغه، بينما يتنعم هو بالتقلب بين الجانبين، وانتقاء فلسفة التقية له ولمن يحبهم.



[email protected]