من يصنع الأيام؟

الاحد - 16 أبريل 2017

Sun - 16 Apr 2017

يمكن تعريف الأيام بأنها رموز ذات قدر وقتي معين تشكل في مجموعها الزمن الذي يعيشه الإنسان وهي عبارة عن قوالب فارغة يملؤها البشر من خلال التفاعل الناتج عن التعامل مع معطيات الكون، مما يكسب بعضا منها قيمة معينة نتيجة الارتباط بذكرى أو موقف معين كاليوم الوطني أو يوم الأم أو اليوم العالمي لمكافحة التدخين.. مع أن هذه الأيام قد لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام لدى البعض، ما يجعلها أياما عادية أو مملة أحيانا، ولعل ذلك يفسر عدم الثبات النسبي في معدل الشعور بسرعة الأيام فيمضي بعضها كالساعة وبعضها يبقى ولا يزول لفترة طويلة من الوقت.

إن التفكير الإيجابي والتخطيط والتنظيم تجعل للأيام قيمة ومعنى، في حين أن التفكير السلبي والعشوائية والتردد تجعل الأيام مزعجة ورتيبة وطويلة جدا، مثلا عندما يستيقظ الإنسان في الصباح وهو يعرف ماذا سيعمل وفق خطوات محددة سيكون يومه مريحا وممتعا نتيجة الشعور الإيجابي بالإنجاز، ولكن عندما لا يجد ما يعمله نتيجة الفراغ أو التخبط وقلة الحيلة أحيانا فسيكون يومه مملا ثقيلا مزعجا، وفيه خطر على صحته النفسية والجسدية.

وإذا كان تقدير الأيام يقاس بشكل نسبي حسب طبيعة المواقف والأحداث، فإن من غير المنطق أن نجعل من الزمن فقط مقياسا للنمو الإنساني بمظاهره المتعددة، بل ينبغي أن تكون المتغيرات النفسية والاجتماعية مؤشرات أساسية في تحديد مستوى نمو شخصية الإنسان الذي تزيد وتنقص حسب الخبرات المختلفة ومدى التعايش معها، فقد يتعلم الإنسان في يوم تعرض فيه لبعض المواقف ما لم يتعلمه الآخرون في سنين عديدة، كما أن في المشاعر الإيجابية تجاه الذات والآخرين راحة نفسية ممتدة تجعل الحياة سعيدة وممتعة، وفي المقابل فإن المشاعر السلبية تجعل الإنسان يعيش في ضيق وتبرم وصراع لا نهاية له يجعل أيامه مزعجة ومملة وطويلة.

إن طول الأيام ليس إيجابيا بشكل دائم، فقد نتمنى أن تنقضي بعض الأيام سريعا لما يصاحبها من أحداث غير سارة، وفي أحيان أخرى نتمنى ألا تنتهي ساعات بعض الأيام لما فيها من سعادة وهناء، ولكن في الحقيقة نحن بذلك نحمل الأيام ما لا تحتمل، فالأيام هي الأيام لا تطول ولا تقصر وكذلك لا تتكاثر، وهي ثابتة وذات خصائص واضحة موحدة، فيوم الأحد لا تزيد ساعاته عن الاثنين أو الجمعة.. كما أن جميع الأيام يتخللها الليل والنهار، وظروف الطقس فيها لا تختلف باختلافها. إن الأيام فعلا متشابهة بل متطابقة تماما وما يتغير فقط هو محتوى الشعور بها نتيجة عوامل وظروف من صنع البشر؛ فمن يصنع الأيام؟

وقفة: متعة شعور جميل في يوم واحد أفضل من أحاسيس متكررة في أيام عديدة لا تختلف عن بعضها سوى بالتاريخ. لذلك قد تكون عبارة: متع الله في أيامك أبلغ من طول الله عمرك.