ليلة القبض على البطاطس!

الاحد - 16 أبريل 2017

Sun - 16 Apr 2017

ليلة تعليق الدراسة ذكرتنا بليلة إعلان رؤية هلال رمضان (يعلق بمكر العم يونس صاحب بقالة الحي)!

وهذا وصف حي لحال كثير من طلاب الحي، وحبهم للمدارس والدراسة في تلك الليلة الليلاء، إذ هب النائم من نومه ينفض غبار الكسل ولسان الحال يقول «فما أطال النوم عمرا، ولا قصر في الأعمار طول السهر»، وجلس المتكئ مرددا «الليلة عيد على الدنيا سعيد»، وسابق الريح إلى الشارع من كان يمشي متثاقلا للتحضير ليوم دراسي عصيب مرددا بتصرف «وينك يا درب المحبة على قفلك ما قدروا الحبايب».

أما حال الوالدين فكان بين بين، فالأب أسرع إلى نقاله الذي غص بالنصوص والصور والأصوات وعدد لا بأس به من المكالمات المتخمة بالتهاني والتبريكات. لكن الأمر طبيعي فهو معلم قد تعود أن تغص بعدد الطلاب الفصول والقاعات!

وتاه بين من يؤكد الخبر ومن ينفيه، ومن مستحث لهيئة الرد على الإشاعات ودحر كل ما يمس دروب العلم من منغصات (كل أمر ذي شأن وجلل ننشئ له هيئة بلا فخر).

أما الأم فتخشى الدخول لهاتفها خوفا من تسلط مديرتها (قائدتها بحسب آخر نسخة من تعديلات وزارتنا العتيقة) التي تصاب بحساسية من التعليق أيا كان سببه حتى لو كان غبار مبنى متهالك لمدرسة غش فيها المقاول الأمين وتلاعب بحديدها واسمنتها في وضح النهار. فهي لا تعلق إلا بشهادة الشهود، أو خبر يزيل الشك باليقين.

لكنها قررت وبشجاعة اقتحام نقالها وفتحت الرسائل التي لم تعط مجالا للشك أن الليلة ليلة شنق (عذرا تعليق) الدراسة.

ولم الشمل على طريقة الوزارة فاجتمع الأب والأم وقررا تعليق كل شيء والبدء في إعداد وجبة ساخنة من البطاطا المقلية للأبناء الذين عز عليهم الانتظار لحين إعداد وجبتهم فرحا وطربا بتعليق الدراسة، وحتى لا يخرج أحد المسؤولين ويتراجع ويقول إنها إشاعة والمسؤول عنها أحد المدرسين الغلابة.

فالمدرس الذي لا يفرق بين الريح والرياح هو أقصر الجدران وفوقه تنصب كل مشانق التعليق والنكران، وهو الذي اتهم للتو بأنه لا يفرق أيضا بين الظاء والضاد (زيادة في العصا فقط، والعصا لمن عصى) وهو ممتن لقائده الذي قدمه قربانا لحماية من كان السبب في هذه البلية، فهو حمال أسية، ويسهر على تربية الأولاد والذرية.

ولا ننسى العم يونس فقد كان أكثر الفرحين بالتعليق فسوق البطاطا عامر، فهو يغني للشباب «أنا في الخدمة أي أوامر، بدون مدارس كلنا نفرح ونطير كطير النوارس»، ولم يقض مضجعه ويكدر صفو فرحته إلا صوت أحدهم يقول إن العم يونس قد عين زوج ابنته وكيلا له في بيع البطاطا، وفتح معهدا لتعليم قلي البطاطا وعين ابنه معيدا بالمعهد نظرا لكفاءته وتنبلة زملائه. وتجمهر الباقون مرددين: غشنا عم يونس بالتلاعب بقوانين طبخة البطاطا ثم اختفى! وبصوت رجل واحد قالوا هيا لنقبض على البطاطس!