محمد أحمد بابا

السوق مفتاح الفرج

الاحد - 16 أبريل 2017

Sun - 16 Apr 2017

يصبر كثير من الناس عن الرغبات عموما، لكن صبرهم عن التسوق صار إلى قلة وندرة ولو لغير شراء، من ذلك وجدنا في هذا الزمن أسواقا لكل شيء تجعل من قوله تعالى (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) مشاهدة وترجمة.



ومن الرحمة ومؤشرات الخروج من الأزمات أنه بعد كل طامة سوق، وعلى ركام كل خسارات أسواق، وفي كل هدميات ما يسوقه قوم لآخرين يحتاجون أنقاض غيرهم.



لتكون حينذاك فلسفة السوق مفتاحا للفرج من ضوائق الأحوال بيعا وشراء وتبادل مصالح، ينفع الله بذاك البعض من البعض.

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أحدهم بحمل فأسه والذهاب للسوق، وابن عوف رضي الله عنه قال دلني على السوق، واشتغل علماء أجلاء بسوقهم وهم يتعلمون ويعلمون، وكان للخليفة الراشد عثمان بن عفان رغم ولايته يوم للسوق.



وفي السوق سوقيون ومهذبون، وللأسواق نظام وفوضويات، ورياح السوق لاقحة ومقتلعة، وهدأة الأسواق فاجعة ومكسب، ورواج ما في الأسواق زيف وطلب.



لكن تجارب السوق مضاعفة للتعقل وتعليم دون كراس، وتقوى الله في الأسواق جهاد عظيم، وثقافة السوق في وطننا العربي عرجاء، وحسبة الأسواق في قواعد دينية إحداها دعت بالرحمة لمن باع سمحا واشترى سمحا، والأخرى جعلت من غشنا ليس منا، وثالثة أنذرت بالويل للمطففين.

ولكل بضاعة سوق، واختلاط سوق بأخرى سنة الأشياء، وأسواقنا بحاجة لأن تكون سوق حاجيات لا سوق إجبار، لتشغل التجارة والاستثماريات الفقراء والأغنياء على حد سواء.



ومن يلمس كل ذلك يجد نماذج من الناس، من خرج للسوق فامتلكه، ومن كان أجيرا في سوق ثم أمسك زمام إيرادها، ومن ترك مجالا تعلمه وأمضى فيه عمرا لأجل سوق فأضحى من صناع الثروة، ومن هنا وجد كثير في الأسواق ملاذا فدخلوا من أبواب شتى وطرق متغايرة.

وكما ينادي العالم بالحرية للإنسان والشعوب والفكر والرأي فقد انبثقت نظريات السوق الحر لأجل ذلك ومن باطن تلكم الأمور.



وحرية التجارة ظاهرة اقتصادية تدلنا على ثقافة دول وحكومات رغم سياسات تنظم تلك الحرية لنفع اقتصادي، ولو خرج عن بعض تشريع نظرا لما هم عليه، لكن الأسواق الحرة في مطارات ومنافذ دول وطننا العربي تعاجلك تذكيرا بأن مساحة مفهوم الحرية هي موازية لذلك المكان، وامتداد سقف زمنها يوازي ذلك الوقت القصير الذي تقضيه فيها قادما أو مغادرا.



ومع كل هذا فالسوق مفتاح الفرج لمن يذكر خصخصة الخدمات خروجا من مأزق الصرف، وجلب الاستثمارات خروجا من شح الاحتكار، وحين يرتقي السوق في عدالة منافع وتساوي فرص وضمانات حقوق فالدنيا بخير.



[email protected]