عبدالله المزهر

الضياع ليس عيبا!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 16 أبريل 2017

Sun - 16 Apr 2017

شاهدت مقطعا لوزير المالية وهو يتحدث عن الإفلاس بسعادة وحبور أغبط معاليه الكريم عليهما، لأني «طول عمري بخاف من الحب وسيرة الإفلاس». وقد شعرت بشيء من الانقباض وأنا أستمع لكلمات معاليه، مع أن الإفلاس الذي كان يتحدث عنه ليس هو الإفلاس الذي نعرفه معاشر الكادحين والذي يمر علينا في كل شهر كأنه الهلال. كان يتحدث عن الإفلاس المؤدي إلى تسريح الموظفين وزيادة العاطلين، وإلى مشاكل اجتماعية لا يؤدي إليها الإفلاس الذي تعرفونه.



وبغض النظر عن السياق الذي قيلت فيه تلك العبارات والتي ربما كانت إجابة على سؤال متعلق بنفس الموضوع، وربما كان الأمر مجرد موعظة حسنة من معاليه. مع أن لكل مقام موعظته الخاصة.



لا أظن كلمات معاليه بهذا «الانشراح» وكأنه يتكلم عن خسارة مباراة كرة القدم، وأن الأمر ليس مشكلة ولا عيبا مناسبة للمقام الذي نحن فيه. هو أشبه بمن يزور مريضا سيجري عملية زائدة دودية، ثم يحدثه عن الموت وأن الدنيا فانية، وأنه يجب أن يتقبل فكرة أنه لن يخرج من غرفة العمليات، وأن هذا ليس عيبا بالطبع.



الكلام صحيح، ولكن التوقيت لا يحتمل مثل هذه النصائح القيمة. وقد تذكرت شابا ظريفا حضر زواج أخي ثم أمسك بالميكرفون في صالة «الأفراح» ثم قال أنتم بعد قليل ستذهبون لصلاة العشاء، تخيلوا أن هذه الصلاة ستكون آخر صلاة لكم، وأنكم قد لا تخرجون من المسجد إلا محمولين على الأعناق، ثم بكى بكاء مريرا جزاه الله عنا وعن المعازيم كل خير.



نظرت إلى أخي وقلت له كما ترى فإن الأمر لا يستحق العناء، وبإمكانك أن تنسحب من الآن قبل فوات الأوان.



وعلى أي حال..

أقول لمعاشر الموظفين في الشركات «الكبرى» ما قلته لأخي تلك الليلة: انسحبوا قبل فوات الأوان واستقيلوا وعيشوا حياة البطالة مبكرا، فالحياة لا تستحق والإفلاس ليس عيبا كما تقول الحكومة. وبالمناسبة فأخي مضرب المثل أعلاه يعمل في شركة كبرى ولم يستلم راتبه منذ ستة أشهر، ولو أنه استمع للموعظة العظيمة في زواجه لكان الأمر الآن أخف وطأة عليه.



[email protected]