أمة لا تقرأ لن تسود

السبت - 15 أبريل 2017

Sat - 15 Apr 2017

سمعت أحد الخطباء من إحدى الدول العربية يقول «إن الفرد الياباني يقرأ 80 كتابا في السنة، والفرد العربي يقرأ في السنة ثلاثة أرباع كتاب»، فـبقدر ما تعجبت من هذه الإحصائية حزنت وتألمت، ولاحت أمامي علامة استفهام كبيرة، وهي كيف استطاع الياباني أن يقرأ هذا الكم من الكتب ونحن نعرف ما هي اليابان.. لقد غزت العالم بصناعاتها المميزة، فهل للكتاب دخل في تطور صناعاتها؟، وهل لديهم الوقت وهم من يبتكرون لنا كل يوم من التقنيات والصناعات ما يدهش العالم؟ ولكن المعادلة تقول إن من يقرأ من البديهي أنه ليس لديه الوقت لكي يشتغل في الصناعات والابتكارات، أي بمعنى أوضح أنه لا بد أن ينقسم المجتمع أو الشعب إلى نصفين.. نصف يقرأ والنصف الآخر يطبق عمليا ما قرأه النصف الأول نظريا.. أما أن يقرأ كل فرد من المجتمع وفي نفس الوقت يخترع ويبتكر؛ فهذا هو التميز والعبقرية في أجمل معانيها.

كل فرد من بني البشر أعطاه الله عقلا يدبر به أمور معاشه، ولكن العبرة تكمن في كيفية استعمال هذا العقل وهذه العطية الربانية، وقد يقول قائل كما نسمع دوما، تلك الحجة الواهية والتي تدعو إلى الخمول والاستكانة والكسل، وهي أن الله أعطاهم الدنيا، وهذا الكلام غاية في البلادة إن جير إلى غير مراده، مما يؤدي إلى عدم فهم الدين بشكل صحيح، فلنفترض جدلا إذا سلمنا بهذا الكلام فلماذا ننافسهم في دنياهم؟ لماذا نسكن الدور الفاخرة ونركب السيارات الفارهة؟ كان الأجدر بنا والأولى أن نسكن في مساكن من القش والخيام ومنازل الصفيح، أو نفترش الأرض ونلتحف السماء حتى نلقى الله..

أولسنا نقرأ في كتابنا الذي يحثنا دوما على السير في الأرض والنظر في ملكوت الله من سموات وأراضين؟ أوليس في كتاب الله سورة باسم الحديد؟ أوليس الحديد يستخرج من باطن الأرض ومن الجبال ويحتاج إلى تقنية وعمل دؤوب لينتفع الناس به؟ إن أخشى ما أخشاه أن نكون أمة تجيد الكلام دون الأفعال، وننتظر من الغير أن يقوم بخدمتنا ونحن في بلهنية نائمون، وفي دعة ساهون لاهون.

فيا أيها الشباب الواعد، نحن كلنا ثقة بكم بعد الله، فلتشدوا سواعد الجد فإن الله أعطاكم طاقة فاستعملوها في رقي مجتمعكم وبلادكم، تقف لكم الأجيال القادمة احتراما وتقديرا، واعلموا أن أمة لا تقرأ لا يمكن أن تتقدم قيد أنملة أو تسود، وأخشى أن نكون غثاء كغثاء السيل كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فيا أمة المليار إن التاريخ لا يرحم الخامل، وستعلم الأجيال القادمة وتتساءل عما ورثناه لها، وبهذا الإرث سوف تحكم علينا، فلنبادر قبل أن نصحو فنجد أن كل الأمم قد سبقتنا، ونحث السير فنعجز عن اللحاق بها، فيعتصرنا حينها الندم، ولات حين مندم.