فارس هاني التركي

لنتعلم من الفشل

السبت - 15 أبريل 2017

Sat - 15 Apr 2017

للعام الثاني على التوالي أقامت لجنة شباب الأعمال بغرفة جدة ملتقى «لنتعلم من الفشل» بهدف التجديد في الطرح والتعاطي مع ريادة الأعمال بشكل أكثر واقعية، حيث يلام متصدرو المشهد فيما يتعلق بريادة الأعمال بالبعد عن الواقعية وتضليل الشباب بدفعهم لخوض تجارب عالية المخاطر مجهولة النتائج دون توضيح للمصاعب والتحديات التي سوف تواجههم.



وكذلك يهدف الملتقى لتغيير نظرة المجتمع تجاه الفشل، حيث تشير الدراسات إلى أن الخوف من الفشل وقسوة المجتمع تجاه أصحاب التجارب الفاشلة هو أكبر عائق أمام خوض تجربة تجارية جديدة أو حتى تجربة وظيفية جديدة. فعلى عكس المجتمعات الغربية التي تعتبر الفشل وسام شرف ودليلا على المحاولة والمثابرة، فإن الفشل في مجتمعنا وصمة عار ورعب حقيقي يحاول الجميع تجنبه والابتعاد عنه وعدم الإفصاح عنه، والحقيقي هو أن الفشل جزء من دورة الحياة لا يسلم منه أحد، ولكن هناك من يتعلم ويتطور منه، وهناك من يستسلم ويظل حبيسا له.



قصص الفشل فيها من الدروس والعبر الكثير والذي قد يفوق الدروس المستفادة من قصص النجاح التي في الغالب حصلت في ظروف وأماكن وأزمنة قد لا تتكرر، فقرابة 80% من الشركات الناشئة تغلق خلال أول ثلاثة أعوام من بدء نشاطها. من القصص التي شاركت في الملتقى من أغلق لقلة الخبرة وسوء إدارة الموارد وبعضها بسبب عدم التخطيط السليم والاستهانة بعمل دراسة الجدوى وهناك من أفلس رغم كثرة الزبائن ولكن تسعيره للمنتجات كان بدون أي أساس علمي، وهناك من فشل لتفاؤله المفرط ومجاملته للأصحاب والأصدقاء.



الجميع أجمع أن هذه التجارب رغم أنها كانت محبطة ومؤلمة وصاحبها العديد من الخسائر المادية والنفسية والاجتماعية، ولكنها أكسبتهم العديد من الخبرات في عالم الأعمال وزادتهم إصرارا وقوة ونضجا.



لا بد أن نذكر في الأخير أن التجارب الفاشلة والمتعثرة مهمة في منظومة ريادة الأعمال، فعلى سبيل المثال في حال فشل مشروع في مجال معين فإن أي مشروع مماثل له في المستقبل سوف تكون فرص نجاحه أكبر، لأن الأخطاء والهفوات التي حصلت في التجربة الأولى سوف تكون متوفرة بالمجان لمن يريد خوض التجربة في المرة الثانية.



(موضة) ريادة الأعمال لدينا بدأت في النضج أكثر، والجميع بدأ يستوعب أن الأمر ليس مجرد أضواء ولقاءات ومحاضرات وتنظير، وإنما هي أموال وأفكار وموارد يجب أن تعمل بالشكل الصحيح لتحقق عوائد مجزية للمستثمرين وأصحاب المشاريع، وإلا فلا.



[email protected]