مانع اليامي

تطوير وادي نجران: مشروع تحقيق السلامة وحماية الهوية المكانية

الجمعة - 14 أبريل 2017

Fri - 14 Apr 2017

جغرافيا للمكان معنى وشأن، وفي مراجع علم النفس البيئي وأيضا علم الاجتماع البيئي الشيء الكثير لمن أراد قراءة الأفكار المتصلة بالهوية المكانية، وعلاقتها بشخصية المكان، ومدى تأثير البيئة في تشكيل هوية الإنسان.



عموما، مصطلح «الهوية المكانية» (place Identity) يتصل بمعنى الأماكن وقيمتها وأهميتها لقاطنيها، وعين الفطين لن تخطئ انعكاس قيمة بعضها على تشكيل هوية مدن بعينها محليا وعالميا. ثمة أماكن فرضت مكانتها التاريخية أو قيمتها الجغرافية، ولربما كلتا الحالتين كبير الحضور في بناء شخصية المنطقة أو المدينة.



والصحيح هنا أن لوادي نجران عمقه الحضاري وذاكرته التاريخية، وللإنسان النجراني به علاقة وجدانية خاصة، تحركها الذكريات عبر التاريخ، وتقديري أن لكل جيل علاقته البصرية بالوادي الذي يقسم منطقة نجران نصفين، شمال وجنوب، وحول كل ضفة تشكل القرى بنخيلها لوحة جمالية. الناس عبر العصور اجتمعوا على تسمية هذا الوادي بوادي العرض، وأحيانا الوادي العظيم، وخلف هذه الألقاب ما يدل على الاعتزاز بالمكان لا شك.



بصدق، لن يتعب الراصد في تحديد ملامح العلاقة التي تربط الناس بالمكان، حيث يعبر الشعور الوجداني المجتمعي عن نفسه، معلنا حالة الارتباط العصي على الانفصام كما يبدو. والشاهد أن لهذا الارتباط البارز أن يفرض تكاتف الجهود لحماية الوادي من أي عبث قد يشوه طبيعته، أو يغير معالمه، لأن في ذلك مساسا بالذاكرة الوطنية.



يطول الحديث غير أنه ليس صعبا على المنصف أن يقول إن الإهمال طال «وادي العرض» في ما مضى، وفقد الكثير من تكوينه من مصبه في السهول إلى حيث ينتهي في حضن الربع الخالي، وللمراقب أن يسأل: هل سيحقق سد نجران الكبير الغاية ويوفي بأغراضه التنموية والحال كما هو؟ الإجابة طبعا لا.



في الختام، حسنا فعل أمير منطقة نجران، الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، الأيام الفائتة وبالتشاور مع المجتمع عبر سابقة من نوعها على مستوى الإدارة المحلية تم الإعلان عن مشروع تأهيل وتطوير وادي نجران، والنتيجة بالإجماع حددت البداية من عودة الوادي لحدوده الطبيعية التي شكل العبث بها حدوث عوائق في وجه سريان السيل، لتتعاظم بالتالي فرص الخطورة المهددة للأنفس والممتلكات، وتتقلص جدا الفرص في وجه سد نجران.



عمليا، الأمير جلوي، وضع السلامة أولا، وعزم على تحريك الحكاية التاريخية في الأذهان، ليقطع الطريق على الاستقالة من الانتماء للمكان الذي يشكل عمقا حضاريا عبر آلاف السنين. والذي فهمته أن المشروع سيحول بعض المواقع على ضفتي الوادي إلى مناطق ترفيهية لا ينقصها حسن المنظر لخدمة السكان والزائرين، والمؤكد أن تنفيذ المشروع سيولد فرصا استثمارية جلها للأسر المنتجة. أنتهي هنا وبكم يتجدد اللقاء.



[email protected]