فايع آل مشيرة عسيري

حقيقة الشرقي التي نعرفها..!

الخميس - 13 أبريل 2017

Thu - 13 Apr 2017

عندما كان يدرس الصيني «لي يونج» في ألمانيا، قدم تعبيرا رمزيا للإنسان الشرقي والإنسان الغربي في جوانب حياتية عدة بشكل دقيق جدا، حسب رأيه ووجهة نظره، وفق معايير ومقاييس معينة، بيد أن زاويته للإنسان الشرقي كانت زاوية شكلية مظهرية ضيقة الأفق، دون الخوض في عمق تلك الصورة والبحث عن المسببات التي وضعته هكذا، وعدم الاكتفاء بالصورة النمطية الذهنية والتي تكون داخل الإطار فقط!

فقد خانه ذكاؤه - من وجهة نظري - إذا لا يعلم الفيلسوف الصيني «لي يونج» حقيقة الشرقي التي نعرفها جيدا والتي قد نجد لها الكثير من مخارج الطوارئ في السلوك الاجتماعي والأخلاقي والتقاليد والأعراف، وتداعيات تلك الصورة ودراستها من العمق دون تسطيحها وتقديمها للعالم بهذا الشكل الذي يحمل الكثير من الإجحاف والإسقاط!

ومن خلال رؤية الفيلسوف الصيني «لي يونج» يمكن لنا أن نستعرض بعضا من تلك الصور الرمزية ونكشف من خلالها حقيقة الشرقي الغائبة.

حيث يرى «لي يونج» أن الشرقي يتهرب من طرح رأيه بشكل مباشر، بينما الغربي يقول رأيه مباشرة دون تردد، والحقيقة الغائبة أن الشرقي يخاف على مصالحه، ويحرص كثيرا على صداقاته وعلاقاته، ولا يحبذ الوقوع في شراك التصدامية التي قد تذهب للعدائية، وكيفية تعاطي الآخرين لرأيه، فتجده يراوغ كثيرا!

ويرى أن الشرقي يعمل ضمن جماعة، ولديه تكاتف اجتماعي وشبكة تواصل كبيرة ومعقدة، بينما الغربي يعمل لوحده ولديه صداقات محدودة جدا.

والحقيقة الغائبة أن الشرقي تربطه أواصر كثيرة منها المنطقة عامة، والقبيلة خاصة، فضلا عن الدم، وكذلك الصداقات الاجتماعية والالكترونية الواسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وإن كانت مجهدة إلا أنني أراها ميزة وليست سلبية كما يعتقد!

كذلك يفند قائلا: عندما يغضب شخص من آخر تجد الشرقي مسرورا لغضب الآخر الذي يحاوره، بينما الغربي ينزعج ويحاسب نفسه، ويبدأ في الحوار والنقاش المقبول، والحقيقة الغائبة أن الشرقي يحاول رد القادم إليه فيسبقه لإغضابه قبل أن يغضبه!

ويرى صديقنا «لي يونج» أن الغربي يرى أن الوقت ضرورة ملحة، والعربي لا يمثل لديه هاجسا مؤرقا، والحقيقة الغائبة أن الشرقي لديه حفريات وطرق متكدسة وتحويلات ملتوية ومستنقعات مجهضة وأرصفة تعاني من البطالة والفقر والبحث عن رغيف حياة!

ويرى أن الغربي يعيش حالة انتظام في حركة السير، مع بداية أيام الدوام الرسمي، بينما تجد الشرقي يعيش حالة من الفوضى العارمة والاختناقات المرورية، والحقيقة الغائبة أن الشرقي يعاني من الكثافة السكانية الهائلة، وتهالك الطرق والبنية التحتية، إضافة للحفريات والتحويلات والتنبيهات على طريقة «نأسف لإزعاجكم ونعمل من أجلكم»، وتعثر الكثير من المشاريع!

ويستطرد قائلا: الغربي لا يهتم كثيرا في سفره بالتصوير وتوثيق رحلاته، وإنما يكتفي بالمشاهدة بعينه لكل الأشياء من حوله والاستمتاع بها، بينما الشرقي يوثق رحلاته لدرجة كبيرة، وتظل عدسة الكاميرات المحمولة، أو عدسة كاميرات الهواتف النقالة ملاصقة له طوال رحلته، وفي كل مكان، والحقيقة الغائبة أن الشرقي ربما لا تتكرر رحلته لهذه البلدان ثانية، فتجده يعيشها بكل تفاصيلها، وكأنها أول وآخر مرة يزورها!

يسلط الضوء بشكل كبير فيرى أن الغربي تجده أكثر هدوءا والتزاما في المطاعم العامة، بينما تجد الشرقي يتحدث ويناقش بشكل كبير في تلك المطاعم العامة، والحقيقة الغائبة أن الشرقي ظاهرة صوتية تنفيسية من ضغوط الحياة والعمل ويجدها فرصة لطرح الكثير من الرؤى!

ويختم حديثه بأن الغربي يهتم بالنظام، ومهما كان منتظرا سيضمن له حقه ومدة انتظاره، والعربي يتأفف ويتضجر ويلاحظ هذا في طوابير الانتظار، والحقيقة الغائبة أن الشرقي يعاني من الواسطة وتكفى والجو الحار والزحام، فضلا عن عبارة «صلاة والدوام خلص.. والموال القديم «راجعنا بكرة» أو الحديث «السيستم عطلان».

ومضة: عذرا سيدي الشرقي، إن قصرت في التعبير عن حقك..!