الزنزانة والسجين

الخميس - 13 أبريل 2017

Thu - 13 Apr 2017

مع بداية الأسبوع الذي يسبق أي إجازة لأبنائنا الطلاب وهو الأسبوع الذي اعتدنا أن يطلق عليه (الأسبوع الميت) والذي نحاول كمنسوبي تعليم ومربين أن نعيد له الحياة أجد نفسي أتساءل لماذا هذا العزوف والهروب من المدرسة؟ لماذا يسارع أبناؤنا وبعض معلمينا إلى الانسحاب وتعمد الغياب بهذا الأسبوع؟ وما الذي يدفعهم لذلك؟ ولماذا أصبحت هذه الظاهرة ثقافة لدى كثير من المعلمين والطلاب على حد سواء؟ فأصبحوا ينظرون لها بأنها حق مكتسب وأمر مسلم به.

من خلال تواجدي بالمدارس لمتابعة انتظام الدراسة ورصد الفعاليات التي تقام لإجبار الطلاب على الحضور والحضور فقط وبأي شكل بالعقاب والتهديد تارة، وبالثواب والتحفيز الذي قد لا يتحقق تارة أخرى، وجدت نفسي أراجع الأسابيع السابقة من الفصل الدراسي لهذا العام والأعوام السابقة وأمعن النظر في العلاقة التي تربط الطالب بالمدرسة فرأيتها كعلاقة السجين بالزنزانة مجبر على دخولها ويتطلع للفكاك منها.

سامحوني على التشبيه الواقعي للحالة، فالمدرسة أضحت كالسجن لطلابها، يمنع عنهم كل ما هو مباح خارجها ويقيد حركتهم داخلها كل ما فيه حرية إذا غادروها. يدخلونها صباحا متثاقلين مغصوبين ويغادروها فرحين مبتهجين. ألم أقل لكم هي أشبه بعلاقة السجين بالزنزانة. فذلك الشاب الذي تعامل مع التقنية والأجهزة المحمولة بكل أريحية وأمام الملأ وأولهم والداه يمنع من إحضار الجوال للمدرسة، أو يضطر للمخالفة لإحضاره مع أنه يستطيع أن يحضره للمدرسة ويعاقب إذا أخل بالضوابط أو أساء الاستخدام كما يحضره للمسجد ويطلب منه وضعه على الصامت أو إغلاقه.

وقس على ذلك الكثير من الأمور المباحة خارج نطاق المدرسة والتي تعد مخالفات سلوكية داخلها حتى أصيب أبناؤنا بانفصام بالشخصية سبب لهم كره المدرسة المكان والبيئة التي تحرمهم من كل (مباح خارجها)، فكل (ممنوع مرغوب). أحبتي صدقوني متى ما أعدنا النظر بوضع العديد من مدارسنا، وأقول العديد لوجود نماذج مشرفة لمدارس جاذبة بجهود شخصية من قائدها ومنسوبيها.

فلو أعدنا صياغة بيئة هذه المدارس بالشكل الجاذب دون المساس بالثوابت وأسهمنا كتربويين بتغير السلوكيات غير اللائقة خارج أسوار المدرسة لتتماشى مع قيمنا وموروثنا الإسلامي لن نحتاج لوضع اختبارات تجبر الطلاب على الحضور ولا تكثيف المتابعة لانتظام الدراسة أو وضع مبادرات وحوافز موقتة لإحضار الطلاب بهذه الأسابيع، ولوجدنا أبناءنا يسارعون إلى الحضور للمدارس برغبة وليس بإرغام ورهبة. باختصار اخرجوا السجين من الزنزانة ليعيش الحياة.