ما دورك كعضو مجلس إدارة شركة؟

الأربعاء - 12 أبريل 2017

Wed - 12 Apr 2017

ينتخب المساهمون مجلس إدارة شركة المساهمة، وبهذا يعبرون عن ثقتهم في من تم انتخابهم لإدارة شؤون الشركة. ويجب على مجلس الإدارة بذل الجهود المطلوبة مع الحرص اللازم على كيان الشركة وأموالها وممتلكاتها والعمل على زيادة الأموال والأصول. وقانونا، يجب على مجلس الإدارة تقديم ما يلزم من معلومات وإفصاح للمساهمين وبصفة خاصة تقديم التقرير السنوي في اجتماع الجمعية العمومية العادي، متضمنا كل الأعمال والإنجازات أو السلبيات التي تمت خلال العام المنصرم. وخلال هذا الاجتماع، وبعد الأخذ والرد، يطلب مجلس الإدارة من المساهمين إصدار قرار إجازة التقرير وقبول الأعمال التي تمت مع تبرئة ساحة أعضاء المجلس وعدم مساءلتهم عما قاموا به خلال السنة من أعمال.

من هنا، يظهر جليا أن الاختيار لعضوية مجلس الإدارة ليس «تشريفا» فقط وإنما يتضمن «تكليفا» له تبعاته القانونية التي تلاحق أعضاء مجلس الإدارة، إذا تبين إخفاقهم أو فشلهم في تنفيذ الواجبات المسنودة لهم وفق النظام الأساسي للشركة أو غيره من الضوابط الإدارية الرقابية. فهل يستوعب من يتم اختيارهم لعضوية مجالس إدارة الشركات هذه المسؤوليات وأبعادها الإدارية والقانونية وما يترتب عنهما؟ أم يكتفي الجماعة بالتبريكات والتجهيزات لزوم الوجاهة الشخصية، ثم السؤال عن المخصصات وتبعاتها والمطالبة بأعلى سقف لأن الشركة الفلانية تعطي كذا؟ والشركة العلانية تعطي كذا؟ بغض النظر عن حجم الشركة ونشاطها ودون مراعاة للأسس التجارية التي تدار بها الشركات.

مجلس الإدارة يشكل رأس الرمح في الشركة، وعليه أن يكون القدوة في الالتزام بالأنظمة والممارسات الإدارية السليمة، وأن يقوم بتوجيه الإدارة التنفيذية للشركة لحسن الأداء في كل خطوة وفي كل مشروع. ويجب على مجلس الإدارة وضع اللبنات الضرورية للتنسيق فيما بينه وبين الإدارة التنفيذية للشركة للوصول بالشركة إلى بر الأمان لتحقيق طموحات المساهمين وكذلك المجتمع. وهذا يتطلب، ضمن أشياء أخرى، وضع الضوابط الخاصة بإدارة الأموال وكيفية حفظها وصرفها ومن المخول بالتوقيع على الشيكات وسحب الأموال وإيداعها وما هي حدود الصلاحيات لكل توقيع ووضع الضوابط الخاصة بالمشتريات والعطاءات والعقود المحلية والدولية وضوابط التخزين والتخلص من الفائض وضوابط الإدارة والموارد البشرية، وضوابط المراجعة (التدقيق) الداخلية والخارجية، كل هذا الواجب يجب استيعابه واتباعه وتنفيذه بحذافيره، ولا يتم الاكتفاء بإصدار اللوائح والضوابط لزوم الإصدار والوضع في الأضابير، بل يجب أن يتم هذا بنية التنفيذ في جميع الحالات وعلى الجميع بدون مجاملات أو ترضيات.

كل هذه الأعمال الهامة يجب أن تتم وفق الأنظمة واللوائح التي يجب على مجلس الإدارة الحرص على وضعها بكل تجرد ومصداقية وتحمل «الأمانة» من أجل مصلحة الشركة ككيان ومن أجل مصلحة من يملك الشركة، وقبل هذا وذاك من أجل مصلحة المجتمع الذي تعمل فيه هذه الشركة، لأن أية شركة تم الترخيص لها للعمل على تحقيق مصلحة المجتمع في كل القطاعات.

إن مجالس إدارة الشركات التي لم تقم بدورها وتقصر في واجبها، حتما ستقود الشركة إلى الفشل. وفي هذه الحالات يجب أن يتم سؤال المجلس وغيره. ويجب على المقصر والمهمل، تحمل التبعات القانونية المترتبة على هذا الفشل. وهناك سوابق القضائية كثيرة في دول عدة، حيث تم وضع المشاهير من رؤساء مجالس الإدارات خلف القضبان دون أية رحمة أو «معليش»، مع تجريدهم من كل أموالهم لتغطية التعويضات المالية التي أجبرتهم المحاكم بسدادها تعويضا للمتضررين. وفي هذا قمة العدالة التي تطال الجميع. وبالطبع، بالإضافة للعقوبات القانونية لهم، فهناك وصمة العار التي يدمغهم بها المجتمع في وجوههم، وهذه أقسي العقوبات لمن يشعر.

ولنقف للحظة، لنراجع أداء الشركات التي تخسر وتفقد أصولها، لنعرف كيفية إدارتها ولنراجع الإجراءات التي تقوم بها مجالس الإدارة، ولنراجع مضابط ومحاضر اجتماعات مجلس الإدارة لنرى الأداء ولنعرف من يحضر ومن لا يحضر ولنراجع أعمال لجان مجلس الإدارة ولنراجع القرارات التي أصدرها مجلس الإدارة وما تم بشأنها وكيف ولماذا؟ ولنراجع كل اللوائح والقرارات التي صدرت وهل تم اتباعها؟ وهل تتم المتابعة مع الإدارة التنفيذية للشركة أم تترك الأمور على الغارب، وهل هناك عمل جاد أم يتم تغليب المصالح والمنافع الشخصية والصداقات ولماذا؟. وأكيد سنعرف الكثير، وسنعرف لماذا حدث ما حدث ولماذا وقع الفأس في الرأس المكشوف من مجلس الإدارة. وكمثال أقول، سألني صديق ما في زمان ما في بلد ما عما عليه وما له كعضو مجلس إدارة وبعد النقاش الطويل قرر عدم القبول خوفا من فشله في تنفيذ ما عليه. فهل نفكر بنفس الطريقة؟ حتى ننجو بجلدنا لعدم قدرتنا، وحتى نترك المجال لمن هو أحق منا ولديه القدرة في خدمة الشركة والمجتمع الذي يتطور للأمام بتطور ونجاح الشركات ومن يقود دفتها.

الأكثر قراءة