الحياة البرية.. لتعلم بعض الدروس الإدارية!

الاثنين - 10 أبريل 2017

Mon - 10 Apr 2017

يقول العالم الأمريكي كارل رانسوم روجرز (1902-1987) «الشخص الوحيد المثقف هو الذي تعلم كيف يتعلم ومن ثم يتغير». وبالتالي ما هي طرق التعلم؟ هناك أربعة أساليب تقليدية للتعلم وهي (المرئي، السمعي، اللفظي، الحركي). وفي الآونة الأخيرة، أضاف الباحثون ثلاثة أنماط تعليمية أخرى (الانفرادي، المنطقي، الاجتماعي).

معظم المنظمات تتبنى طرقا تقليدية عند التعامل مع التعلم والتطوير الذاتي. وذلك من خلال التدريب الرسمي، إما أثناء العمل أو بعيدا عن العمل، أو من خلال تقنيات الفصول الدراسية الكلاسيكية. من ناحية أخرى، قد نسأل أنفسنا هل هناك خيارات أخرى تركت لنا، ولا سيما في تعلم المهارات الشخصية المطلوبة للتميز في العمل.

في رأيي، نعم يوجد. كيف ذلك؟

أعتقد أننا يمكن أن نستكشف خيارا آخر، وهو الحياة البرية. الطبيعة الأم عموما والحياة البرية خصوصا يمكن أن تعلمنا الكثير على وجه التحديد في علوم الإدارة والتنمية البشرية. كلمة الحياة البرية تعرف بأنها «الكائنات الحية وخصوصا الثدييات والطيور والأسماك التي ليست بشرية أو مستأنسة».

تعد الحياة البرية مصدرا غير معتاد، بل ممتاز جدا، لـ «كيفية التعلم»، وتساعدنا على النمو الشخصي كأفراد في العديد من المهارات.

يمكننا سرد العديد من الأمثلة لكفاءات ومهارات يمكن للمهنيين أن يتعلموها فقط من خلال مشاهدة ومراقبة الحيوانات البرية التي تحيط بنا بعناية أكبر. فمثلا:

اتخاذ القرارات: النو أو ما يعرف أيضا بالتيتل الأفريقي حيوان ثديي من فصيلة البقريات يعيش في أفريقيا. كل عام يهاجر هجرة عملاقة عبر أجزاء كبيرة من أفريقيا. خلال هذه الرحلة التي تمتد 800 كلم، يجب عليه عبور نهر مارا في كينيا. لا بديل له سوى عبوره، على الرغم من علمه أن التماسيح تنتظره استعدادا للانقضاض عليه. كيف ومتى يقرر العبور؟ حيوان النو يوقت لاتخاذ القرار، على الرغم من الخطر المتوقع بعد تحليل الوضع ووزن المخاطر.

في علم الإدارة صنع القرار دائما يكون محفوفا بالمخاطر. لكن عدم اتخاذ أو التردد في اتخاذ القرار يكون أسوأ من ترك الأمور على ما هي عليه.

التوجيه: اللبوات تفعل الكثير لتدريب الأشبال، وذلك من خلال محاكاة معركة بقاء يوميا تقريبا. الجديد هنا، هو أن اللبؤة تتظاهر أن الشبل يؤذيها وتصدر أصواتا تنم على الألم لإعطاء الصغير الفرصة لخوض تجربة كاملة وكأنه يصطاد فريسته. تماما كما ورد في المثل الصيني القديم «أعط رجلا سمكة ستطعمه ليوم واحد، علم الرجل صيد الأسماك ستطعمه لمدى الحياة».

التعاون: الذئاب والضباع عادة لا تصطاد منفردة. هي تعمل كمجموعة وكل عضو عليه الإسهام في شيء، كل ذلك من أجل تحقيق الهدف المنشود، والذي هو صيد الضحية. التعاون هنا يعوض عن الضعف الفردي. على الرغم من أن الذئاب والضباع ليست قوية كالأسود، إلا أنها تنجح في مطاردة واصطياد الثدييات الكبيرة. التعاون يزيد فرصتك للنجاح أكثر مما لو عملت بشكل منفرد.

هناك العديد من الأمثلة الأخرى في الطبيعة، حيث المتعاونون هم أكثر نجاحا ممن يعملون بمفردهم. مثلا، مستعمرات النمل والنحل، فهما ليسا من الحشرات الموهوبة كأفراد، ولكن كمجموعة أو سرب تحقق الكثير من الإنجازات.

في الختام، كما قال اليوناني سوفوكليس «أرغب دائما أن تتعلم شيئا مفيدا». الحياة البرية تعلمنا الكثير من الدروس المجانية عن كيفية النجاح في مجال الأعمال. علينا النظر حولنا والتفكر بطريقة إبداعية واستكشاف المزيد حول «تعلم كيفية التعلم والتغيير».

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال