عبدالله الجنيد

شرق ممالك الرحمن

الاثنين - 10 أبريل 2017

Mon - 10 Apr 2017

هذا الشرق المثقل بطوائف الادعاء هو الأبعد عن رحمة الله ما دامت برك الطائفية الآسنة تفرخ بعوضها القاتل المتفجر في أسواقنا ومساجدنا وكنائسنا. فإن أردنا تجديد الخطاب الروحي الرباني، فعلينا أولا تجديد مفردات الخطباء، وإن أردنا التعريف بهويتنا، فلنتوقف عن تجريب المجرب، فالثقافة أهم مكونات بناء الهوية، فتكريس فقه الشهادة من أول فصل دراسي بدل التعريف بقيم الإسلام وبمنجزات العلماء المسلمين من مكتشف الدورة الدموية إلى الجبر أب كل الرياضيات والخيمياء (الكيمياء)، إلى الفلك الذي قاد إلى تجبر الممالك عبر غزو البحار.



كل تلك العلوم كانت نتاج مسلمين، وكلها طمست نتيجة ازدراء هذه الطوائف المقتتلة لمكانة العقل والوجدان اللذين خاطبهما الله تعالى في أول التنزيل الحكيم عبر شفيع الأمة، الرسول الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم حين قال له «اقرأ». ونعم لا شفيع لهذه الأمة إلا المصطفى، وكل ما دونه بشر مهما بلغوا مكانة أو نسبا.



يطول الحديث عن الإرهاب كلما تطاول ممجوج واختطف أرواحا مسالمة، وما إن تتناول أصل ذلك حتى رده بعض الشيوخ إلى أصول لم تعد أصولا. فهذه الأعمال تمثل جريمة وكفى، ولن يقبل أن تدخل حيز الجدل الفقهي. فالإطالة في التعاطي مع المسألة خارج إطار القانون هو محفز لها. فالدولة هي من يملك قرار إعلان الحرب، وغير ذلك كله خروج على الشرعية، والأحكام الشرعية والوضعية تتفق من حيث روح التشريع أن في ذلك فتنة ودعوة للخروج على القانون يجب أن يجابه بأقصى حدود القانون بشقيه الشرعي والوضعي.



أما فيما يذهب له بعض مشايخنا المصلحين المجددين، والذين نكن لهم خالص التقدير في إعادة التذكير بوسطية الإسلام، فهلا تكرمتم بتحديد معايير تلك الوسطية، ولماذا لا يعمد إلى تقنينها عبر مجالس الإفتاء أو الأزهر حتى لا يبقى الاجتهاد الفضائي سيد الموقف؟



أما على الجانب الآخر فمتى ستقوم هذه المراجع بوضع مقاييس علمية في إجازة الشيوخ، أسوة بكل التخصصات العلمية الأخرى؟ فنحن اليوم نعاني من تخمة الكم من أمثال شيوخ اللقالق ومكذبي دوران الكرة الأرضية. فهؤلاء هم من يتابع شططهم الإعلام الدولي، تكريسا للصورة النمطية للإسلام وثقافة الإنسان العربي العنيفة والمتخلفة.



الإرهاب هو أداة لتثبيت حالة عدم الاستقرار، أو تثبيت حالة الدول الفاشلة، فذلك هو الهدف التكتيكي أو المرحلي. أما هدفه الاستراتيجي فهو الاغتيال المعنوي للهوية العربية الإسلامية. فمتى ما أدركنا ذلك فإننا سنقدر على تخليق هوية إنسانية هي أقرب إلى الله روحا وعملا من كل ادعاءات شيوخ الطوائف. ضحايا كنيستي مارجرجس والمرقسية سقطوا نتيجة استمراء ثقافة تجيز القتل ما دامت الطوائف هي من يخرج خلق الله من رحمته كيفما شاءت، وخان شيخون تشهد على ذلك.



[email protected]