لست وحدك

الجمعة - 07 أبريل 2017

Fri - 07 Apr 2017

«قد أبدو منعزلا ومنطويا، قد أبدو خائفا أو مندفعا، أجيد لغة الصمت، أهوى التأمل، باردة هي مشاعري، فاترة هي عواطفي، لا أبالي بشيء، فكل ما يهمني هو عالمي». متعب فواز طالب في مركز رفحاء الخيري للتوحد، في اليوم العالمي للتوحد.



يتذكر العالم في 2 أبريل من كل عام المصابين بمرض التوحد، وهي فرصة لتسليط الأضواء على طبيعة هذا الداء الذي شهد ارتفاعا في معدلات الإصابة به لدى الأطفال في جميع أنحاء العالم. إن هذا المرض يعيق النمو لدى المصابين به مدى الحياة، وغالبا ما تظهر علاماته خلال الأعوام الثلاثة الأولى، وينجم عنه اضطراب عصبي يؤثر على وظائف الدماغ، ومن أبرز سماته العجز عن التواصل والتفاعل الاجتماعي، واضطراب في التخاطب واللغة وفي البنية المعرفية، كما يوجد لديهم نمط محدد ومتكرر من التصرفات والاهتمامات والأنشطة.



لم يتوصل العلماء حتى هذه اللحظة إلى مسببات هذا الداء حديث العهد إن صح التعبير، وجميع ما هو متاح لا يزيد عن مجرد نظريات واحتمالات، ومن أبرزها وجود نوع من الاشتباكات العصبية الكثيرة التي تلتقي فيها الخلايا العصبية، قد ينشأ عنها تكون الطفرات المسببة للمرض. كما أن هذا المرض يصيب كافة شرائح المجتمع وفي بلدان عديدة ولا يفرق بين جنس أو عرق أو لون. وإلى أن يتوصل العلم إلى المسببات الحقيقية للإصابة بهذا الداء فإنه من غير المأمول التوصل إلى علاج فعال ينهي معاناة المصابين به. إن أكثر ما نستطيع القيام به هو تأهيل المصابين وأسرهم والبيئة المحيطة بهم للتأقلم مع هذا المرض.



إن أهم أهداف هذا اليوم هو التعريف بالتوحد، والتعرف على أهم العقبات التي يتعرض لها المصابون في حياتهم اليومية وسبل تذليلها، بالإضافة إلى تفعيل الدور التوعوي والثقافي لدى كافة أطياف المجتمع، وبالتالي مشاركتهم همومهم ونشاطاتهم مما يؤدي إلى تعزيز الثقة بأنفسهم وتفعيل اندماجهم في المجتمع، إن هؤلاء المصابين لن يظلوا أطفالا وسيكبرون يوما ما، سنرى منهم عباقرة في مجالات عديدة متى ما وجدوا الرعاية والاهتمام والتأهيل الجيد من هذه المجتمعات.



يتعين علينا جميعا أن نلتفت بعين الاعتبار إلى معاناة ذوي المصابين ونقدم لهم الدعم النفسي والمعنوي، علينا أن نفعل ذلك بشكل جيد بعيدا عن نظرات الشفقة والرحم.

إن الحقيقة التي يدركها الكثير من المختصين بالتعامل مع هذا النوع من الاضطراب أن والدة المصاب تعاني نفسيا وعصبيا عشرة أضعاف ما تعانيه والدة طفل آخر من المصابين باضطرابات فكرية أخرى، وهي بالتالي بأمس الحاجة للدعم المعنوي والنفسي من كافة المحيطين بها.



وإذا كنا نحن أبناء هذه الأرض الطيبة مطالبين بأن نجسد سلوكا حسنا وأن نتحلى بأخلاق ديننا الحنيف، وفي ظل نقص حاد في مراكز التأهيل علينا ألا ننسى أمرا بالغ الأهمية، وهو أننا نستطيع القيام بعمل ذي قيمة تجاه المصابين وأسرهم. إن المشاركة في النشاطات والفعاليات في هذا اليوم على سبيل المثال، والمقامة في الأماكن العامة والمراكز التجارية، وتقديم الهدايا هي من أبرز عوامل الدعم النفسي للمصابين وذويهم، كما أنها تعزز الثقة في قدراتهم وتشعرنا نحن أيضا بأن ما نقوم به له قيمة حقيقية وأن هؤلاء الأطفال لن يظلوا وحدهم.