أحمد صالح حلبي

مستشفيات مكة بحاجة للعلاج

الخميس - 06 أبريل 2017

Thu - 06 Apr 2017

حينما برزت مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة تغنينا بجمال مبناها ونظافة طرقها وممراتها وتوفر أفضل الكوادر الطبية وأحدث الأجهزة بها، واعتقدنا حينها أن الخدمات الطبية في مكة المكرمة ستصبح أفضل مما هي عليه، وأنها ستنافس نظيراتها في دول العالم، وأن الاهتمام بالمريض لن ينحصر في الكشف الطبي وصرف العلاج بل سنرى بيئة صحية راقية داخل المدينة الطبية تعادل تلك التي تتواجد بأرقى المدن الطبية العالمية!



غير أن أحلامنا وآمالنا لم تكن سوى سحابة عابرة سرعان ما غابت مع ظهور الحقيقة، فالمدينة الطبية التي تغنينا بها أخذ مؤشرها الإيجابي في التراجع شيئا فشئيا، ونخشى أن يصل إلى درجة الانحدار، فلا نرى سوى هيكل بنائي قائم، لأن الصرح الطبي الذي كلف الدولة بلايين الريالات بدأ في تسجيل السلبيات الواحدة تلو الأخرى، ولم نجد من يسعى حاليا بجد واجتهاد للقضاء على واحدة من تلك السلبيات، فصيدلية صرف العلاج أصبحت معتمدة على صيدلي واحد، أما البقية الباقية من زملائه الصيادلة فيقال إنهم في ساعة راحة!



وإن تلافينا هذا وسألنا عن كيفية صرف العلاج أيكون بالأرقام كما هو معتاد، أم بأسماء المرضى المنتظرين لعلاجهم، فإننا نجد أنه لا يتم استخدام هذا ولا ذاك لأن جهاز الأرقام «عطلان»، وعلى المرضى الانتظار حتى يأتي من يذيع أرقامهم أو أسماءهم!



لكن الأبرز والأجمل داخل أروقة مستشفى المدينة أنك ترى في ممراتها حركة دائمة، فالأطباء والطبيبات والممرضون والممرضات والفنيون والفنيات والإداريون والإداريات يتجولون داخل أروقة وممرات المستشفى، ليؤكدوا أنهم متواجدون، أما المرضى والمراجعون فعليهم الانتظار أمام أبوابهم حتى عودتهم من جولاتهم!



ويبدو أن مديرية الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة تعتقد أن المستشفيات والمراكز الصحية سليمة ومعافاة وليست بحاجة للمتابعة، وأنه تتوفر بها الخدمات كافة.



وحتى لا نرهق مسؤولي وزارة الصحة فلن نطالبهم بالصعب ولا المستحيل، ولذلك أقول من الأفضل أن يظلوا في مكاتبهم معتمدين على خطابات وتقارير واردة، وليست هناك حاجة للقيام بجولات ميدانية مفاجئة أو حتى مرتبة على المستشفيات والمنشآت الطبية، لأن في مثل هذه الجولات إرهاقا بدنيا قد يضر بصحتهم فلا يجدون حينها من يشخص حالاتهم لأن الكشف سيكون بموعد قد يطول انتظاره لأشهر، وقد لا يستطيعون الحصول على العلاج المناسب لهم لعدم توفره بالصيدليات، وحينها سيتحولون إلى مواطنين عاديين يعانون ما يعانيه المواطن من ذوي الدخل المحدود، لذلك فمن الأفضل لهم البقاء في مكاتبهم.



ومع اعتماد مسؤولي الصحة على الخطابات والتقارير الواردة أصبح غياب المتابعة الميدانية لخدمات المستشفيات والمراكز الصحية والمنشآت الطبية بمكة المكرمة واضحا، وبتنا نرى ونسمع عن حالات طبية مؤلمة، بدءا من عدم تواجد الأطباء في عياداتهم مرورا بعدم توفر الدواء للمرضى، وتحديد مواعيد الكشف بعد أشهر، إضافة إلى وقوف المراجعين أمام أبواب العيادات كالمتسولين في انتظار أدوارهم.



وقبل أن تتحول مدينة الملك عبدالله الطبية إلى مجرد مبنى، ويصبح مرضاها أكثر ألما يبحثون عن طبيب يداويهم، أو صيدلي يصرف علاجهم، لا بد أن تسعى وزارة الصحة - ولا نقول مديرية الشؤون الصحية - إلى مراجعة شاملة وكاملة لأعمال المستشفى قبل أن تبدأ في التعطل، ولا تجد من يصلحها، وحينها نردد يا ليت، التي كما يقال «عمرها ما راح تعمر بيت».