أحمد الهلالي

ثقافة VIP الغريبة عن ثقافتنا وديننا!

الثلاثاء - 04 أبريل 2017

Tue - 04 Apr 2017

الفقراء منبوذون في كل عصر، حتى وإن ترقق بعض الناس في قبولهم، وتعاطف في رفع المظالم عنهم، لكنهم يظلون في دائرة (النبذ) يقاسون ويلات الحرمان، ويختلقون الطرق التي تجعل أيامهم تسير، ولعل قول الله تعالى على لسان أصحاب الجنة «أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين» كاف لنعلم أن الأغنياء لا يلتفتون للفقراء إلا إذا أرغمتهم الحاجة لتسويق ذواتهم اجتماعيا، أو اقتصاديا، ولعلم الله بحالهم فقد جعل الزكاة ركنا من أركان الإسلام.



في واقعنا المعاصر نلاحظ العزل القسري للفقراء وأصحاب الدخل المتدني عن مجتمعات الأغنياء، والتفنن في ابتداع الطرائق لبناء ذلك الجدار، الذي يتعالى يوما بعد آخر، فالأغنياء لا يبالون (وهم البخلاء) في دفع مبالغ طائلة تحافظ على صلابة الجدار العازل وتمدده وديمومته، فإن دخلت فندقا وجدت أسعار المبيت لليلة واحدة تفوق راتب شهر كامل لموظف بسيط، وإن احتاج أبناء الفقراء للترفيه، فلا قبل لعائلهم بالأسعار المبالغ فيها من أجل ركوب لعبة، أو حتى دخول المكان الذي يلعب فيه الأطفال، وقد سئموا غبار وتهالك ملاعب البلدية، عندها حاول أن تقنع طفلا وتجبر خاطره المكسور، وتأمل يا رعاك الله أسعار التذاكر التي تعلنها هيئة الترفيه الوطنية!



حتى وإن قال قائل بأن هناك درجات وعدادات (للنجوم) تبعا للخدمات المقدمة، فلا مقارنة بين شقة مفروشة مبالغ في سعر المبيت فيها، مفروشة بمفروشات داكنة، لا تغسل إلا بعد أن تفضح الروائح عفنها، وبين الأماكن التي تجد عناية على مدار الساعة، وإن بررنا ارتفاع الأسعار، فلنبرره في خدمات غير النظافة وما يتعلق بالصحة والكرامة الآدمية، فهل تجبر البلديات ووزارة التجارة والهيئة العامة للسياحة أصحاب الشقق والفنادق الصغيرة على تهيئة أماكنها؟ ثم إن كانت تعليماتها كذلك، فهل تتابع وتدقق في ممارسات مقدمي الخدمات؟



نحن في حاجة لأن نعكس قيمنا الدينية والحضارية في التعامل مع هذه الطبقة، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين)، ولأن هذه أخلاق نبي الإسلام فإن أكثر أتباع هذا الدين من الفقراء، رأوا في تعاليمه عدالة تنافي جور حضاراتهم ومعتقداتهم، ولسنا بحاجة إلى اتباع الحضارات الأخرى في ابتداع ثقافة (vip) المنتشرة اليوم (ببشاعة) في بنوكنا ومستشفياتنا وفي ملتقياتنا الثقافية (معرض الكتاب أنموذجا)، وحتى في بعض قاعات الأفراح وغيرها للأسف، وكلها ممارسات تنافي الإنسانية الحقيقية، وتظهر تفاهة الإنسان المتمسك بقشور الماديات.



[email protected]