مرآة المجتمع

الاثنين - 03 أبريل 2017

Mon - 03 Apr 2017

قيل لي «لمعرفة أخلاق المجتمع وسلوكه عليك بالنزول إلى الشارع والمرور بالمدارس والذهاب للمجالس. فهي المرآة الحقيقية للمجتمع وليس ما يكتب في الصحف، أو ما يشاهد في التلفاز»، لهذا أحببت أن أعكس جانبا بسيطا من جوانب هذه المرآة؛ من خلال الشارع - حرفيا.

مشهد:

من حي الرحمانية في مدينة الرياض، خرجت صباحا بالسيارة متجها إلى مدرسة ابني، وفي طريق الأمير تركي بن عبدالعزيز الأول حيث كنت سالكا المسار الأوسط ارتمت أمامي سيارة من الحجم الكبير بلا مقدمات ولا إضاءة تنبيه للعبور. نتيجة لذلك، اضطررت لأن أضغط على مكبح السيارة (دواسة الفرامل) بقوة، فسمعت صوت بوق (بوري) من سيارة خلفي لمدة ثماني ثوان بلا توقف ويد قائدها مرفوعة تجاهي وشفتاه تتحركان. اعتذرت له بيدي وأنا مغلق لشفتي، ثم أكملت طريقي إلى أن وصلت إلى إشارة مرور تقاطع طريق الملك عبدالعزيز مع طريق الملك عبدالله. هناك، حدد المسار الأيسر للسيارات التي تريد أن تأخذ طريق الدوران للخلف (يوتيرن)، ولكن قرر شاب أن يأخذ هذا المسار ليتعدى كل من ينتظر الإشارة المرورية بانتظام إلى أن وضع مقدمة سيارته - ببراعة - أمام سيارتي.

ولكن ماذا عن انسيابية مرور السيارات التي تريد الدوران؟ بالنسبة للشاب؟، لا يهم، المهم أن يصل بطريقة أسرع من غيره. رغم أصوات أبواق السيارات الغاضبة التي تريد الدوران للخلف، استمر الشاب مغلقا للطريق فاتحا نافذة سيارته ويده ممسكة بسيجارة ينفث دخانها إلى الأعلى غير آبه بمن خلفه. وما هي إلا ثوان حتى اخضرت إشارة المرور، فرمى ما تبقى من سيجارته في الشارع، ثم تعداني، فانساب الطريق وسرت خلفه إلى أن انتهت مغامرتي - ولله الحمد - بإيصال ابني سالما معافى لمدرسته. قبلت جبينه وقلت له حمد لله على سلامتك وإلى اللقاء بعد الظهر إن شاء الله. هل هذا المشهد بالفعل مرآة للمجتمع؟ ربما، ولكن المزعج في مثل هذا المشهد أنه يتكرر يوميا إلى أن أصبح ظاهرة فتقبلناها. ولكن أين الخلل؟ معظم من أناقشهم يستشهدون بقول عثمان رضي الله عنه «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، فيلقون اللوم على جهاز المرور، ولكن الموضوع - في نظري - أعمق من ذلك، فهل هذه هي الأخلاق التي تممها خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم؟ وهل هذا هو المسلم الذي سلم المسلمون من لسانه ويده؟ أم هل هذا فعلا هو سلوك خير أمة أخرجت للناس؟ أسئلة أطرحها لمراجعة الذات وإعادة النظر في بعض سلوكنا.

قفلة:

لمن يقطع إشارة المرور ويضع سيارته أمام باب المسجد سادا الطريق على المارة لأداء الفرض مع الجماعة، أسأله: أهذه الصلاة التي أمرنا الله بها؟ أما يجب أن ننتهي عن إيذاء الناس؟ الله المستعان.