عبدالله الجنيد

التهكم الخلاق.. آرت بكوالد، مورين دود، محمد السحيمي

الاثنين - 03 أبريل 2017

Mon - 03 Apr 2017

أكاد أجزم أن كاتبة العمود التهكمي السياسي في جريدة النيويورك تايمز مورين دود، وكاتب العمود المماثل لها في جريدة مكة محمد السحيمي قد تشاركا في مرضعة في أحد عوالم الكتابة. مورين دود بامتياز هي الطالبة الأنجب في مدرسة الراحل الكبير آرت بكوالد صاحب أكثر الأعمدة انتشارا عبر صحف العالم من خلال الإنترناشيونال هيرالد تريبون في ثمانينات القرن الماضي. أما ما ميز الثلاثة - مكان الحديث - فلم يكن القلم بل الإحساس بقيمة تخليق العلاقة المباشرة بين كاتب الرأي والقارئ دون وسيط، فاللغة بسيطة التكوين عميقة المعنى دون تكلف.



بعد قراءتي (الأربعاء الماضي) لعمود مورين دود قمت بتدويره عبر تطبيق الوتس اب لحساب يضم مجموعة ربما هي أقرب للواقعية من أي مجموعة أخرى في التعاطي مع القراءة شأنا قبل الكتابة. فعمود الصحفية مورين كان عبارة عن رسالة شخصية للرئيس ترمب، وكعادتها في كل أعمدتها، فإن التهكم الواقعي المفعم بحيوية الاستشهاد والتورية كان ممتعا. فلنتصور ولو للحظة، وكان ذلك سؤالي لشخصي: هل سيأتي يوم سيكون للرأي قيمة مضافة، أو هل سيأتي يوم سيكون لكاتب الرأي الحرية في التوظيف اللغوي في مخاطبة موضوع المقال دون تحسس.



نسبيا نحن هناك، ونسبيا نحن على الطريق في تجاوز الحاجز الأول، وأكاد أجزم أن روح العظيم آرت بكوالد قد سكنت قلم محمد السحيمي، ونرجو من الله القدير ألا تبارحه أو أن يسارع السحيمي بقلمه لأحد شيوخ الرقية ليرقيه خوفا من حسد. كتابة الرأي تستلزم ملكات خاصة فليس كل رأي رأيا. أما من أتته الحكمة من أمثال بكوالد ودود والسحيمي فهؤلاء تستجيب لأمرهم أطر المقال كالخيزران دون كسر حرف، ومع ذلك فإنك لن تتمالك نفسك من الرغبة في الضحك من التمثيل الحسي للمشاهد في المقال الواحد.



ربما نحن بحاجة لحاضنة أخرى مماثلة لجريدة مكة، بل بالتأكيد لأكثر من ذلك في كل مدن الخليج لتكون واحات بدل الواحة لتكتشف الأقلام أبعادها خارج القوالب التقليدية. ولربما قد نقترح على إدارة «القناة» التي تستضيف الأستاذ السحيمي كل يوم جمعة أن تفسح له ليستقر به المقام بها عبر برنامج أسبوعي يستضيف فيه بعض الشباب النابغ في الكتابة بالإضافة لفنانين ومبدعين من كل مشارب الحياة. كم أتمنى لو سمحت هذه المساحة بترجمة عمود مورين دود اليوم لتستطيعوا إدراك أبعاد القيمة المضافة في المقال السياسي التهكمي، لكني سأختار هذا الجزء ولربما أوفق في إيصال الفكرة. «نشر العمود في عدد 25 مارس 2017، صحيفة النيويورك تايمز، قسم الرأي:

دونالد، هذا ما وجب علي قوله لك



لقد عرف بعضنا الآخر فترة طويلة، لذلك أستطيع أن أتحدث إليك دون تكلف. أتذكر حديثك أثناء الحملة الانتخابية بأنك لا تحب أن توصف بالشخصية السياسية؟ لا تشغل بالك، فبعد اليوم لن يرتكب أحد ذلك الخطأ بوصفك سياسيا.



كم كانت إطلالة الراحل آرت بكوالد الباسمة وهو يحتضن ما تبقى من السيجار بين أصابعه مرحبا بالقارئ، وكذلك هي ابتسامة دود والسحيمي، ولولا الخوف من زعل السحيمي لقلت إنهم جميعا تخرجوا من نفس المطوع (الكُتاب).