إجازة على الكنبة
دبس الرمان
دبس الرمان
الاثنين - 03 أبريل 2017
Mon - 03 Apr 2017
آخر شيء قد يخطر على بال أحدهم في حال تفكيره في الإجازة هو اتخاذ ركن قصي من العالم (والذي قد يكون كنبة في بيتك في بعض الأحوال)، وذلك للانكفاء على ذاتك والخلوة إلى نفسك في محاولة لرتق العلاقات وتصفية الحسابات، طمعا في شعور بالسلام الداخلي والمصالحة مع الذات، وبالتالي فيما بعد مع محيطك.
فمن المضحك كيف أننا نهرب من الانشغال بالعمل والواجبات والالتزامات إلى مزيد من الجري والصخب والانشغال بالفسحة والطعام والشراء. ثم نجر أنفسنا جرا إلى بيوتنا وأعمالنا وحياتنا محملين بمزيد من الملل والسلبية. لأن الحقيقة هي أننا لم نرتح حقا، نعم ربما استمتعنا ولكننا لم نستجم، لم نهدأ، لم نفصل أنفسنا عن صخب العالم وزخمه في محاولة حقيقية للسكينة، تلك السكينة التي نسمع أن الحكماء والعارفين يتحدثون عنها في الكتب ولكننا حقيقة في حياتنا نادرا ما نتعرف عليها أو حتى نقابل شخصا يعرفها.
حسنا بالنسبة لأولئك الذين سافروا باحثين عن المتعة في أصقاع الأرض (والأصقاع هنا أتحدث عن تركيا ودبي) فتمنياتنا لهم بالتوفيق (صدقا من القلب). وبالنسبة لأمثالنا الذين لم يمتلكوا هذه الرفاهية فدعوني أقنعكم بأننا نستطيع الاستمتاع دون أن نخطو حتى خطوة خارج بيوتنا، بل حتى بدون التحرك من مكاننا الأثير على تلك الكنبة الوثيرة، لنستمتع (ربما للمرة الأولى) برفقة كتاب أو كتابين، وإذا سمحتم ثلاثة كتب في حال استمتعتم جدا. وستعمل هذه الكتب على خطفك خطفا من حياتك وحملك إلى أماكن أخرى وأفكار جديدة وعوالم بعيدة في سياحة أثيرية للعقل والقلب والروح، طبعا في حال سمحت لها.
لنبدأ مع الكتاب الأول (كيف يمكن لأحمد بهجت أن يغير حياتك) للكاتب السعودي عبدالمجيد تمراز. حيث قام الكاتب بتأليف كتاب يعرفنا فيه على الكاتب المصري المعروف أحمد بهجت، وذلك من خلال مجموعة من المواضيع والاختيارات التي تهمنا جميعا، بدءا من (كيف تنجو في حياتك الزوجيه؟)، مرورا (بكيف تنقذك الكتابة؟) و(كيف تكون صديقا جيدا؟) وانتهاء (بكيف نستمر بالحب في هذا العالم الموحش؟).
وقد تنتقل للكتاب الثاني (حليب أسود) للكاتبة التركية المعروفة إليف شفاق والذي تتحدث فيه بكل شفافية عن تجربتها في التعامل مع جوانب شخصيتها المتعددة من خلال اختراعها لشخصيات خيالية سمتهن (سيدات عقلة الأصابع)، وكيف أن السيدة العملية تتصادم مع المفكرة، والتي بالتالي تتصادم مع السيدة الدرويشة، في حالة تشبيهية تشبه تماما ما يحصل لنا كل يوم من صراعات داخلية ما بين عقولنا وقلوبنا وما نعتقد أنه صحيح وما نرغب فيه ولكننا نؤمن أنه خاطئ.
وقد تستمتع حقا فتجد نفسك تقفز للكتاب الثالث وهو (ملحمة كلكامش) للباحث العراقي طه باقر والذي قام فيه بترجمة أول ملحمة تاريخية لحضارة إنسانية. ستقرأ في تلك النصوص حياة قديمة قدم الحياة نفسها لتتعرف كيف كانت أفكارهم ومعتقداتهم، وكيف كانوا يعبدون ويحبون وينظرون للنجاح والتفوق، وربما تدرك أن الإنسان منذ ذاك الوقت لم يتغير كثيرا حقا، وستدرك حتما أننا لسنا في أقصى تطورنا في هذا الزمن كما كنا نعتقد.
أجمل ما في موضوع هذه الإجازة على الكنبة أنها غير قابلة للانتهاء مثل الإجازات العادية، وبالتالي لست معرضا للشعور بأعراض اكتئاب العودة من الإجازة الذي يعانيه جل سكان الكرة الأرضية. فإجازتك مع الكتب قابلة للتمديد، بل وهي مرنة بحيث تستطيع أخذها معك إلى كل مكان وفي أي وقت. لذا فحتى وإن كنت من المؤمنين بأن قدرهم ألا يحبوا القراءة وهي بالنسبة لك ثقل لا طاقة لك به، فالتجربة لن تضرك، فأنت ستظل جالسا على تلك الكنبة في كل الأحوال.
[email protected]
فمن المضحك كيف أننا نهرب من الانشغال بالعمل والواجبات والالتزامات إلى مزيد من الجري والصخب والانشغال بالفسحة والطعام والشراء. ثم نجر أنفسنا جرا إلى بيوتنا وأعمالنا وحياتنا محملين بمزيد من الملل والسلبية. لأن الحقيقة هي أننا لم نرتح حقا، نعم ربما استمتعنا ولكننا لم نستجم، لم نهدأ، لم نفصل أنفسنا عن صخب العالم وزخمه في محاولة حقيقية للسكينة، تلك السكينة التي نسمع أن الحكماء والعارفين يتحدثون عنها في الكتب ولكننا حقيقة في حياتنا نادرا ما نتعرف عليها أو حتى نقابل شخصا يعرفها.
حسنا بالنسبة لأولئك الذين سافروا باحثين عن المتعة في أصقاع الأرض (والأصقاع هنا أتحدث عن تركيا ودبي) فتمنياتنا لهم بالتوفيق (صدقا من القلب). وبالنسبة لأمثالنا الذين لم يمتلكوا هذه الرفاهية فدعوني أقنعكم بأننا نستطيع الاستمتاع دون أن نخطو حتى خطوة خارج بيوتنا، بل حتى بدون التحرك من مكاننا الأثير على تلك الكنبة الوثيرة، لنستمتع (ربما للمرة الأولى) برفقة كتاب أو كتابين، وإذا سمحتم ثلاثة كتب في حال استمتعتم جدا. وستعمل هذه الكتب على خطفك خطفا من حياتك وحملك إلى أماكن أخرى وأفكار جديدة وعوالم بعيدة في سياحة أثيرية للعقل والقلب والروح، طبعا في حال سمحت لها.
لنبدأ مع الكتاب الأول (كيف يمكن لأحمد بهجت أن يغير حياتك) للكاتب السعودي عبدالمجيد تمراز. حيث قام الكاتب بتأليف كتاب يعرفنا فيه على الكاتب المصري المعروف أحمد بهجت، وذلك من خلال مجموعة من المواضيع والاختيارات التي تهمنا جميعا، بدءا من (كيف تنجو في حياتك الزوجيه؟)، مرورا (بكيف تنقذك الكتابة؟) و(كيف تكون صديقا جيدا؟) وانتهاء (بكيف نستمر بالحب في هذا العالم الموحش؟).
وقد تنتقل للكتاب الثاني (حليب أسود) للكاتبة التركية المعروفة إليف شفاق والذي تتحدث فيه بكل شفافية عن تجربتها في التعامل مع جوانب شخصيتها المتعددة من خلال اختراعها لشخصيات خيالية سمتهن (سيدات عقلة الأصابع)، وكيف أن السيدة العملية تتصادم مع المفكرة، والتي بالتالي تتصادم مع السيدة الدرويشة، في حالة تشبيهية تشبه تماما ما يحصل لنا كل يوم من صراعات داخلية ما بين عقولنا وقلوبنا وما نعتقد أنه صحيح وما نرغب فيه ولكننا نؤمن أنه خاطئ.
وقد تستمتع حقا فتجد نفسك تقفز للكتاب الثالث وهو (ملحمة كلكامش) للباحث العراقي طه باقر والذي قام فيه بترجمة أول ملحمة تاريخية لحضارة إنسانية. ستقرأ في تلك النصوص حياة قديمة قدم الحياة نفسها لتتعرف كيف كانت أفكارهم ومعتقداتهم، وكيف كانوا يعبدون ويحبون وينظرون للنجاح والتفوق، وربما تدرك أن الإنسان منذ ذاك الوقت لم يتغير كثيرا حقا، وستدرك حتما أننا لسنا في أقصى تطورنا في هذا الزمن كما كنا نعتقد.
أجمل ما في موضوع هذه الإجازة على الكنبة أنها غير قابلة للانتهاء مثل الإجازات العادية، وبالتالي لست معرضا للشعور بأعراض اكتئاب العودة من الإجازة الذي يعانيه جل سكان الكرة الأرضية. فإجازتك مع الكتب قابلة للتمديد، بل وهي مرنة بحيث تستطيع أخذها معك إلى كل مكان وفي أي وقت. لذا فحتى وإن كنت من المؤمنين بأن قدرهم ألا يحبوا القراءة وهي بالنسبة لك ثقل لا طاقة لك به، فالتجربة لن تضرك، فأنت ستظل جالسا على تلك الكنبة في كل الأحوال.
[email protected]
