فاتن محمد حسين

ماذا تعني زيادة أعداد الحجاج؟

الجمعة - 31 مارس 2017

Fri - 31 Mar 2017

لاقى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله - زيادة أعداد الحجاج لموسم حج عام 1438هـ، ترحيبا إسلاميا وعربيا واسعا، حيث يعني ذلك تمكين أعداد كبيرة من الحجاج ممن هم على قوائم الانتظار وعلى أحر من الجمر للوصول إلى هذه الأراضي المقدسة، ولأماكن تهواها الأفئدة، وتتسامى الأرواح، وتتعلق القلوب طالبة الرحمة والعفو والمغفرة، فتغسل هموم وكدر السنين وتعود في ديباجة الحياة كيوم ولدتها أمهاتها. فالراغبون بأداء الحج يفوقون بمئات الآلاف ما هو مخصص لكل دولة حسب نظام الكوتا، وفى حال عدم السماح لهم بالحضور يعني ذلك مزيدا من قوائم الانتظار ومزيدا من معاناة الشوق والحنين للأراضي المقدسة لأكثر من مليار مسلم، فمنهم من يموت وهو ينتظر دوره في الوصول لهذه الأماكن المقدسة.



ولكن الحمد الله هذا القرار الحكيم قد واكبه أيضا تهيئة معظم البنى التحتية للحج بفضل الله أولا، ثم بفضل جهود حكومة المملكة العربية السعودية، في مشاريع كثيرة منها مشروع توسعة الحرم المكي الشريف المتمثلة في توسعة الملك عبدالله - رحمه الله - وتوسعة المسعى والمطاف، ومشروع قطار الحرمين السريع، ومشروع درب المشاعر، ووقف الملك عبدالعزيز، وما جاورها من فنادق من المستويات كافة، هذا فضلا عن إنشاء مطار الطائف ومطار جدة الجديد، ومطار المدينة المنورة الذي أصبح يضاهي أحدث المطارات العالمية، وكل ذلك ليتواكب مع رؤية 2030 في زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين – تدريجيا - ليصل إلى 30 مليون حاج ومعتمر.



وحتما إن لاهتمام سمو أمير منطقة مكة المكرمة، مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل لمشاريع تطوير المشاعر المقدسة في عرفات ومزدلفة ومنى ووضع اللبنات الأساسية مع هيئة تطوير مكة دور محوري، كل ذلك لتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن. كما يتطلب ذلك الكثير من التنسيق بين الجهات الخدمية المختلفة لتوفير أقصى درجات الراحة لضيوف الرحمن حتى يؤدوا مناسكهم براحة وطمأنينة وأمان، وهذا هدف استراتيجي للدولة.



وأما ماذا تعني الزيادة لأهل الطوافة؟ فهو الفرح والاستبشار؛ فحتى من قديم الزمان وفي عهد الطوافة الفردية كان يستبشر المطوف بزيادة أعداد حجاجه لأنها تعني احترافية وتحديا في ممارسة المهنة التي تختلط بدمائه منذ نعومة أظافره، وكثيرا ما كانت تصل البرقية من مكتب الوكلاء في جدة في منتصف الليل بقدوم حجاج إلى مكة فيوقظ المطوف أهله ويبدأ بالاستعداد للاستقبال والضيافة وتهيئة المسكن، وغير ذلك أنه شرف المهنة وعمق العلاقة واستشعار المسؤولية العظمى في خدمة ضيوف الرحمن.



كما أن زيادة أعداد الحجاج تعني للطوافة مزيدا من الحركة التشغيلية للأيدي العاملة من مطوفين وموظفين وغيرهم على كل المستويات في المؤسسات وفي وزارة الحج، كما تعني زيادة عدد مكاتب الخدمة الميدانية وزيادة الدخل لها، لأنه بنقص العدد تتعرض بعض منها إلى خسائر، وعلى الرغم من تجويد الخدمات إلا أن المصروفات لا تتواءم مع الإيرادات. ويمكن الآن تعويض ذلك العجز وتجويد الخدمات الإضافية، وحتما كل ذلك يؤدي إلى زيادة قيمة السهم والمبلغ المقطوع الذي تتخذ بعض المؤسسات نقصه حجة لتخفيض الأعداد على الرغم من مدخولاتها الاستثمارية !



وعلى المستوى المكي العام فإن زيادة العدد تعني تعويض خسائر بلغت أكثر من 60 مليارا خلال السنوات الأربع الماضية. ولعل قطاع الإسكان هو أكثر القطاعات التي ستشهد انتعاشا كبيرا بزيادة أعداد الحجاج فضلا عن شركات النقل والإعاشة والتغذية والخدمات الطبية والصحية.



وما نأمله بزيادة أعداد الحجاج إشراك المرأة المطوفة في العمل واستيعاب طاقات المطوفات المعطلة في خدمة ضيفات الرحمن، وهو ما يحقق برنامج التحول الوطني 2020 الذي يؤكد على رفع مشاركة المرأة في العمل والتنمية الوطنية.



بل نتمنى امتداد برامج وفعاليات: (المدينة المنورة عاصمة السياحة الإسلامية لعام 2017) إلى موسم الحج، وأن تستغل تلك البرامج والفعاليات في استقطاب الحجاج وزيارتهم للآثار والأماكن التاريخية، وإطلاع الحجاج على المهرجانات الوطنية التراثية، ومهرجان المسرح الإسلامي الذي تنفذه فرق من الجامعات والجاليات الإسلامية. فهذه المهرجانات والمعارض الثقافية والفنية تعمق جذور التواصل الإنساني بين الشعوب، وفي الوقت نفسه تكون مصدرا اقتصاديا مؤثرا للانتعاش الاقتصادي للمنطقة، وبهذا نجعل زيادة الحجاج نموا اقتصاديا واعدا واستثمارا في كل القطاعات وتواصلا إنسانيا راقيا وحضاريا.



شكرا سلمان الخير على قرار زيادة أعداد الحجاج.