فايع آل مشيرة عسيري

أحمد مطاعن.. ذاكرة الاخضرار

الخميس - 30 مارس 2017

Thu - 30 Mar 2017

ليلة من ليالي أدبي أبها جمعتني بالأديب أحمد إبراهيم مطاعن الذي منحنا ومنح ذاك المساء روحه البيضاء وهو يحكي سنوات الشعر والنثر ورواياته وذاكرة الاخضرار المخضبة بعبق السنوات وضحكاته الهادئة وهو يجاذبنا الحديث عن أبها وحياة الماضي والحاضر، وكانت الأكثر جاذبية وجذبا تلك المناكفة الرشيقة مع أديب «امتحافة» إبراهيم طالع الألمعي!

أحمد مطاعن، تلك الذاكرة العصية التي تشكلت من عسير «تهامة والسراة « بكل تفاصيلها، سهولها وأوديتها.. وبين السراة وتهامة امتداد حضاري ذو أبعاد عميقة عاشها وما زالت في خياله واقعا فلسفيا يتكئ عليه كما يتكئ على عصاه كلما أوغلت عسير في الحضارة وبحثت عن تاريخها وملامح جغرافيتها؛ كي تبقى تلك الذاكرة عاصمة الماضي للحاضر وللمستقبل!

أحمد مطاعن مشكاة عسير وضوء مساراتها؛ كي تبقى أبها واجهة ثقافية رياضية اجتماعية.. فهو من رواد الرياضة والثقافة والأدب في منطقة عسير، وشاهد عصر وناهض ثقافة وصاحب فكـر تنويري. ولعل أبها «الإنسان والمكان» ومركز الجمال من أكسب الأديب أحمد مطاعن هذا الوهج والتميز والسير نحو تصدر المشهد الثقافي، والذي بدأ تلك الرحلة من عام 1398 ولمدة تجاوزت الأربعين عاما، شغل فيها منصب نائب رئيس نادي أبها الأدبي، فقد برع في الشعر والنثر، حتى وهو يكتب الشعر كأنه يكتبه ويرسم الوطن بوحي كل قطر في مملكتنا الغالية، فهو بدايات الحركة الأدبية الثقافية في السعودية، ورمز وطني وفي من رموز الأدب السعودي!

قصائده تشبهه كثيرا وتأخذ من صوته الشجي قبلات الوطن كي تتوشح الاخضرار وتملأ كل مساحات الفضاء بياضا ونقاء بحجم قلبه الكبير الذي علمنا روح الثقافة وبوح الشعر والنثر، إلى جانب الشعر والنثر الأدبي، أبدع في كتابة المقالات الصحفية الأدبية والاجتماعية والتي نشرت في الكثير الصحف السعودية.

هو دورة الأيام وإن تباعدت بها السنوات، فقد اصطحب الشمس في طريق الضياء الخالد الذي لا يعرف الذبول ولا الانكفاء، وما مكتبته الكبيرة التي حوت الكثير من الإصدارات الأدبية للأدباء والأديبات في منطقة عسير والعديد من الوثائق والمسودات في تاريخ المنطقة ثقافيا واجتماعيا إلا دليل على اهتمامه واعتزازه بالأدب، بل ومد الكثير من جسور التواصل لكل الباحثين والباحثات، واستشعر مسؤولية المثقف الحقيقي تجاه أبناء منطقته!

هو ملحمة المجد في ذكرى وطننا الكبير، وهو القصيدة الخالدة في ميلاد يوم القصيدة، وهو الأرض والإنسان والتاريخ، هو هوية المكان العسيري وقطرات من عرق السابق ونظرات بعمق قرن من الزمان!

أحمد مطاعن الأديب الذي يسير ببطء بين أزقة حي «الطبجية» بأبها كعادته وكأنه يمنح تلك الطرقات روحه التي سكنها وسكنته.. يفتش في كل الوجوه عن وجه أبها الحسناء وعن منديلها الأصفر يحاكي جمال طبيعتها شعرا فيسكب عليها مطر دموعه حنينا لكل الذين عرفهم وصادقهم وعاشرهم من كل طبقات المجتمع بمن فيهم المثقفون المتفقون والمختلفون معه في رحلته الطويلة، يسير وكأنه يودعها؟!

أحمد مطاعن الذي رأيته هذا الأسبوع مشاركا بورقة نقدية أبوية ضمن سلسلة قراءات في أدب الشباب التي نظمتها لجنة إبداع ضمن أنشطة وبرامج نادي أبها الأدبي، وهم القاص الشاب عبدالرحمن الجوني، والقاصة الواعدة مها أحمد عسيري، والقاصة الواعدة شريفة محمد آل طالع، فعلمت حينها أن هذا الطاعن في الجمال استثنائيا في كل شيء، فهو العاشق للأدب حتى إنه يحتسي الأدب إبداعا ونقدا وتذوقا كما يحتسي قهوته العربية!

يمنح القادمين والقادمات لذة الدهشة والإعجاب وهو يستجمع كل الرؤى ليمنح المبدعين والمبدعات شعلة الإبهار والإبحار نحو الطريق إلى الثقافة والأدب.

وحين أعلن رئيس الدورة السابعة لمجلس رؤساء الأندية الأدبية رئيس مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية «محمد بودي» عن اختيار الأديب أحمد إبراهيم مطاعن شخصية العام الأدبي لعام 2017 كان هذا أجمل تكريم لهذا الأديب التسعيني الوسيم الذي وإن كان قد وصل متأخرا إلا أنه بمثابة وثيقة إنصاف بحجم وطن!

هذا العاشق للحياة يردد دوما الحياة جميلة وأبها مركز الجمال، وعندما يرزق الإنسان بلدا مثل المملكة العربية السعودية فيها القبلتان وفيها الأمن والرخاء والاستقرار بجانب جمال الطبيعة، فما أجمل أن تعيش هذه الحياة!

ونحن نقول لأديبنا - أطال الله عمره، ومتعه بالصحة والعافية - وما أجملنا بك!

ومضة: يقول الأديب أحمد إبراهيم مطاعن:

سألتني عن شاعر يتحدى

وفتاة غزيرة الشاعرية

قلت مهلا ذاك منك امتحان

أم تثيرين ذكرياتي الشجية

ربع قرن من الصبا في حياتي

كيف أنسى وأنسى البقية

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال