ناصر عليان الخياري

ما لديهم أجمل.. حياتهم أجمل!

الخميس - 30 مارس 2017

Thu - 30 Mar 2017

وقف في كل تفاصيل حياته مواقف سلبية، إذ طالما رهن حياته في مستنقع المقارنات. حيث يرى حياة الآخرين أجمل، فأطفالهم أجمل، والآخرون سعداء، ناجحون، مبتسمون، محظوظون، بينما يرى نفسه مسحوقا، مغبونا، عديم الحظ، تائه الخطى. تمضي به السنون وتضيع حياته من بين يديه، وهو مستغرق بتيه المقارنات وظلمتها. هو لا يدري أن تلك المقارنات مبنية على تصورات ذهنية غير مكتملة المشهد، فالمشهد ناقص حتما. حياة الآخرين ليست هي فقط ما يسطع أمام أعيننا، بل هناك حياة حقيقية أخرى وراء الكواليس لا نراها. لو نظر إلى حياته بواقعية، لوجد أن الواقعية تتطلب نظرة إيجابية، والإيجابية تعني أن تكون النظرة شمولية تضيء جوانب الجمال والقوة، وتكتشف جوانب الضعف والقبح، إذ ليست هناك حياة كاملة خالية من النقص والضعف، فسمة الحياة هي النسبية في كل شيء. كان دائما منهمكا بسلبيته، فلم يقل يوما حياتهم جميلة فلماذا لا أجعل حياتي جميلة مثلهم؟ هم سعداء فلماذا لا أكون سعيدا مثلهم؟

العقول الكبيرة تدرك أن فرص الحياة متفاوتة، يقتنصها الإنسان بحسب ما تتيحه له الظروف المحيطة به. فالنجاح في الحياة يعتمد بالدرجة الأولى على حسن التدبير، والإدارة الصحيحة لمتطلبات الحياة. وهذا لن يحدث إلا إذا كان ينطلق من تفكير إيجابي، فعملية التخطيط للحياة، واتخاذ القرارات المناسبة لن يسيرا وفق الأسس الصحيحة طالما أنهما ينطلقان من تفكير سلبي، فلا شيء يحيد النجاح ويشرع أبواب الفشل أكثر من منطلقات التفكير السلبي فالنجاح والتفكير السلبي نقيضان لا يلتقيان.

فهم الذات يقتضي أن يعرف الإنسان من هو، وماذا يريد، وإلى أين يسير. فمن لا يعرف نقاط ضعفه وقوته، ولا أهدافه وطموحه، ولا يعرف إلى أين يتجه في مسارات حياته فحتما سيدور في حلقات مفرغة بعيدة عن تحقيق الذات. فتشطح به عواطفه، وتغلبه الوساوس، فيتحول إلى مجرد آلة رصد ترصد حياة الآخرين متأملة ما بها من جوانب مشرقة، ومظاهر بهية في عملية رصد انتقائي معيب يعكس انطباعات خاطئة، فتعمى عينه عن كل ما في حياته من جوانب الجمال، ويغيب قلبه عن رؤيتها، فلا يرى غير النقائص، فقد انشغلت عينه، وهام قلبه فيما عند الآخرين، فصار شغله الشاغل متابعة حياتهم، ورصد إنجازاتهم، ونجاحاتهم، وضحكاتهم، ليسقطها كشهب راجمة تحرق أجمل لحظاته، وتشعل نار الحسرة في قلبه.

لكنه لو فتش في حياته لوجد فيها الكثير من مقومات السعادة، والكثير من الفرص الأجمل، والعديد من الخيارات ليعيش بسعادة وراحة بال، لكنه لم يلتفت إليها ولم يفكر في توظيفها بصورة إيجابية بل اختار تدمير ذاته بعقد المقارنات الخاطئة التي انعكست سلبا على تقديره لذاته.

عزيزي القارئ دعنا نغير عنوان المقال من السلبية إلى الإيجابية فنقول: ما لدينا أجمل.. حياتنا أجمل.