القراءة ليست كوبا من القهوة!

الأربعاء - 29 مارس 2017

Wed - 29 Mar 2017

من العجيب في مجتمعاتنا العربية أنه حتى حب القراءة والاطلاع كبلوه بمعايير معينة، بوفقه يتم تصنيفك من (هواة القراءة)، أسس أصبح الكل يسير مع القطيع على نهجها فقط ليقال عنه «مثقف» ولم يعد الأمر يعتمد على الذائقة، أمر مضحك حقا هو عشقنا لتكوين قيود لا تسمن ولا تغني من جوع، نحصر بها جل حقوقنا الصغيرة منها والكبيرة في مكعب كل ما مرت علينا السنون ونحن في جوفه تتقلص جدرانه أكثر وأكثر، نسي البعض أن للقراء أيضا أذواقا قد تختلف من إنسان لآخر، فلا يعني أنك حين لا تحب الاستماع للموسيقى - أولا تجد المتعة في ارتشاف القهوة بكل ألوانها، وصباحاتك لا تبدأ بالصوت الفيروزي، وأنك لا تعشق القراءة مع إشراقة الشمس، بل لك أوقات أخرى تفضل القراءة فيها، وأن قصائد محمود درويش لا تستهويك، واستمتاعك على شاطئ البحر هو أن تخلق المرح على رماله، لا أن تمسك كتابا – أنك لست مصنفا ضمن قراء الطبقة الراقية.

يغيب عن الكثير أن القراءة هي منهج رباني لم يوضع ضمن إطار معين أو يمارس من قبل أشخاص محددين، هناك ما يسمى «حرية القارئ» في طقوسه واختياراته، دائما ما ننادي مطالبين بالحرية ولا نعي أن أبسط الأشياء في حيواتنا نحن من حكمنا بها على ذواتنا بالسجن بين قضبان ما يسمى الرقي - من وجهة نظر البعض- الذي بات يخنقنا، لا أجد تفسيرا لذلك في نظري غير أنه يندرج تحت مسمى «الموضة» الخالية من المكنون، علينا أن نستوعب جيدا أن التقاط صورة بجانب كوب من القهوة في شرفة فاخرة أو على طاولة فخمة ليس بثقافة بقدر ما هو ظاهرة ستتحلل مع الأيام ولن يبقى منها سوى الجيفة، فكم من مثقف يبيت على أرصفة الشوارع.