حلال!

الأربعاء - 29 مارس 2017

Wed - 29 Mar 2017

شعارات مثل «حلال» و»ذبح على الطريقة الإسلامية» غدت من طرق التسويق الأكثر نجاحا لا سيما في الغرب، حيث يتحرج المسلمون من استهلاك اللحوم إلا ما يحمل تغليفها ما يؤكد توافق ذبحها مع تعاليم الشريعة بهذا الخصوص. ونحن نعلم بما لا شك فيه أن في تاريخنا وحاضرنا وحتى مستقبلنا من استخدم ويستخدم وسوف يستخدم الدين ليخدم مصالحه الشخصية سواء كانت تلك المصالح تجارية أو اجتماعية أو سياسية. وإيمانا بهذه الحقيقة وجب علينا أن نتخذ دوما وضعية المشكك المتسائل والمحقق الباحث لشؤوننا كافة لا سيما تلك التي تتوقف عندها مصالحنا وتتعقد بها حياتنا.



لنتفق قبل كل شيء على أن «الطعام» هو كل ما هو قابل للأكل، متفقين؟ جميل. والآن لنتأمل قوله تعالى «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم» هنا لم يستثن نوعا من الطعام وهو تعالى قادر وقد استثنى بالتحديد ما يريد استثناءه ما ورد في قوله «حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب»، وهذه الاستثناءات واضحة ولم يذكر بينها أو غيرها ما يفيد بطريقة قتل الإنسان لها ما دام قتلها طمعا في أكلها ولم تقتل قربانا لغير الله وتعبدا وهو المقصود بما أهل لغير الله به. أما غير ذلك فما وجد في الأثر عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الذبح وهو ما يتبع بعضه أو كله حاليا في ما يسمى بالذبح على الطريقة الإسلامية أو الذبح الحلال. وبذلك أرى أنه يصح تسمية هذه الطريقة بـ «سنة الذبح» أو «الذبح على السنة» بما يوحي بأنها سنة لا تحرم ما أحل الله ويؤجر من يأخذ بها ولا يؤثم تاركها كحال سائر السنن. ويدل على ذلك ما ورد عن الرسول في قبوله لحم شاة من يهودية والذي تبين فيما بعد أنه مسموم، لكن العبرة في قبوله.



هذا من ناحية شرعية أما ما يحاول البعض إثباته من أن النحر كما قام به الرسول هو أرحم طرق قتل الحيوان فلا سند لذلك، والواقع أنها تأخذ وقتا أطول فيما ينازع الحيوان حتى يصفى دمه ويفارق. المثبت علميا أن طرق أخرى مثل إطلاق رصاصة تصيب الدماغ مباشرة أو استخدام مسدس التنويم ليفقد الحيوان وعيه قبل قتله أرحم وأسرع. أما من ناحية تصفية الدم فور مفارقة الروح حتى لا يفسد أو يتلوث فذلك يحدث بتقطيع الحيوان بعد موته مباشرة في كل الأحوال وبمختلف طرق القتل.



أمرنا تعالى بإعداد رباط الخيل في الحروب لأنها كانت الوسيلة المتوفرة والمتعارف عليها آنذاك، وليس معنى ذلك أن نخوض حروبنا اليوم راكبين على ظهور الخيل فيما يركب الأعداء طيارات ودبابات. ونحر الرسول الماشية غالبا لأنها كانت الطريقة المتبعة آنذاك ولم تتوفر له طرق بديلة والعبرة في الأخذ بالطريقة الأرحم أينما وجدت، وقد أكد ذلك الرسول عندما قال «إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته».