عبدالله محمد الشهراني

ولد المدير.. النسخة الأمريكية!

الأربعاء - 29 مارس 2017

Wed - 29 Mar 2017

في موروثنا العربي نعلم كيف هي الحياة داخل فصل دراسي أحد طلابه ابن مدير المدرسة، حيث أغلب الحصص تتحول إلى بدنية، أسئلة الاختبارات الشهرية هي الأسهل بين فصول المدرسة، ابن المدير هو عريف الفصل يصدر الأحكام كيف يشاء، الضحك بين الحصتين لا مشكلة اليوم، لكن في اليوم التالي يكتب اسمك ويتم تحويلك إلى المدير مباشرة، وهو كابتن الفصل وحكم المباراة، أفضل اللاعبين في الفصل تجدهم في فريقه، ذلك الفريق الذي لا يهزم أبدا على مدار السنة إلا إذا غاب ابن المدير (مع أنه ما يعرف يلعب، وأكثر واحد يأكل كباري)!



في مطلع التسعينات الميلادية قامت شركات الطيران الغربية وعلى رأسها الأمريكية باستحداث اتفاقية عالمية جديدة تسمى «الأجواء المفتوحة» *Open Sky، وهي باختصار اتفاقية تسمح لشركات الطيران العالمية بنقل المسافرين من أي مكان إلى أي مكان آخر، كان الهدف منها مزاحمة شركات الطيران المحلية لأي بلد، والدخول في أسواق جديدة والاستحواذ على حصص سوقية كبيرة فيها. مارست شركات الطيران الغربية من خلال حكوماتها (مدير المدرسة) ضغوطات على بعض البلدان لإجبارها على توقيع الاتفاقية. ومن عام 1992م بدأت تلك الشركات جني الأرباح والسيطرة على أسواق لم تكن تستطيع الدخول إليها لولا تلك الاتفاقية، إذ وصلت نسبة استحواذ الشركات الأمريكية في عام 2008م إلى 77% في السوق الهندي والآسيوي.

وفي الشرق الأوسط دخلت بعض الدول ومنها تركيا ضمن هذه الاتفاقية، وخلال فترة من الزمن ركزت فيها مطارات وشركات الطيران الخليجية سويا على البنية التحتية التي تساعد وتسهل نظام الترانزيت من ناحية، وزيادة الأسطول لمواكبة الطلب من ناحية أخرى. استطاع طيران الإمارات والخطوط القطرية وطيران الاتحاد بالتعاون مع مطار دبي ومطار حمد ومطار أبو ظبي تغيير خارطة السوق وقلب السحر على الساحر (ولد المدير)، ساحبة البساط «السوق الهندي والآسيوي» من تحت أقدام الشركات الأمريكية، فمن 5% حصة سوقية عام 2008م قفزت إلى 60% عام 2014م، هذه القفزة أحدثت زلزالا للحصة السوقية لدلتا ايرلاينز ويونايتد ايرلاينز وأمريكان ايرلاينز (أولاد المدير) والتي انخفضت إلى 24%.



قامت هذه الشركات (البليدة) بالبكاء الأسبوع الماضي في البيت الأبيض (أسلوب ضربني وبكى وسبقني واشتكى)، مطالبة بتعديل اتفاقية الأجواء المفتوحة بما يتفق مع مصالحها، معللة ذلك بأن شركات طيران الخليج تتلقى دعم غير عادل من حكوماتها وصل إلى 50 مليار دولار أمريكي، متجاهلة احترافية الشركات الخليجية في جودة الخدمة المقدمة، والطرق الإبداعية في التسويق، وخطط التوسع في المحطات ونمو الأسطول... إلخ. ولو فرضنا جدلا أن شركات الطيران الخليجية تتلقى دعم كبيرا من حكوماتها، فالشركات الأمريكية تلقت أيضا دعم ماليا أكبر وصل إلى 150 مليار دولار عام 1999م، إضافة إلى سن قوانين واتفاقيات ساهمت في دعم هذه الشركات.



هذه الشركات المدللة وصل تأثيرها داخل أمريكا أيضا، فقبل يومين من لقاء رؤساء شركات الطيران الكبرى بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، أرسلت بعض الشركات الأمريكية «جيت بلو، فيديكس، أطلس اير، خطوط هاواي» رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية، يقولون فيها إن «خطوط الطيران الكبرى للأسف تريد تحجيم الأجواء المفتوحة والتقليل من المنافسة». للأسف صدر قرار منع الأجهزة الإلكترونية، والذي قد يؤثر على 18 ألف مسافر يوميا وخصوصا شريحة رجال الأعمال، وفي معالجة هذا القرار زيادة أعباء على الشركات من توظيف واستحداث اجراءات جديدة، تسمح للراكب استخدام أجهزته حتى باب الطائرة، ومن ناحية المسافرين فسوف يضطر البعض لوضع أجهزتهم داخل الحقائب، أي زيادة وزن واحتمالية تلفها.



لكن ومن وجهة نظر شخصية، ومن خلال معرفتي ببعض الشخصيات والقيادات في طيران الإمارات والخطوط القطرية وطيران الاتحاد إضافة إلى الخطوط التركية، فالموضوع لن يكون سوى تحد بسيط لا يقارن بتلك التحديات التي تجاوزتها هذه الشركات ووصلت من خلالها إلى أعلى التصنيفات العالمية. ويبقى لدى هذه الشركات ورقة رابحة يمكن الضغط بها، وهي صفقات شراء طائرات بوينج الأمريكية والتي وصل مجموع عددها بالنسبة للشركات الخليجية الثلاث 377 طائرة إضافة إلى احتمالية شراء 754 محركا من شركة جنرال إلكترك، هذه التريلونات سوف تكون في الاعتبار أمام صاحب القرار.



خلاصة القول، إن لا ابن المدير ولا مدير المدرسة ذاته يستطيع أن يحجب النجاح عن الطالب المتفوق، وسيظل ابن المدير عالة على والده ومكروها بين زملائه، يصطدم بأول اختبار قدرات ومقابلة شخصية، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح.



قرار منع الأجهزة الالكترونية الشخصية داخل الطائرة



- شركات الطيران الأكثر استفادة بالقرار

• دلتا ايرلاينز

• يونايتد ايرلاينز

• أمريكان ايرلاينز



- شركات الطيران الأكثر تأثرا بالقرار

• طيران الإمارات

• الخطوط القطرية

• طيران الاتحاد

• الخطوط التركية

• 9 شركات طيران و10 مطارات فقط في العالم فرض عليها القرار

• 55 رحلة يومية تحمل 18 ألف مسافر طبق عليها القرار