أساس الهوية

الاثنين - 27 مارس 2017

Mon - 27 Mar 2017

من خلال دائرة معارفي، لاحظت مشكلة أعتقد أنه واجب علي طرحها. ولست هنا ناصحا أو واعظا، بقدر ما أنا مشارك لما أراه مشكلة، ومؤمن أن الحلول تأتي بتعاون المجتمع. وهذه المشكلة تخص تعاملنا مع الأطفال.

أحد المواقف التي جعلتني أشعر بوجود هذه المشكلة هو عندما رأيت أبا مع طفليه في إحدى المكتبات يشتري لهما كتبا باللغة الإنجليزية ويخاطبهما - متكلفا - بالإنجليزية وهم يتسوقون. سألته عن السبب الذي يدعوه للحرص على اللغة الإنجليزية أكثر من العربية، وكان جوابه أن لغة العلوم الحديثة والفنون تدرس ومكتوبة بالإنجليزية، ولا يوجد من العربية إلا الكتب القديمة التي لا تفيد الجيل في هذا الزمن. ويعتقد الأب أنه يكفي لأبنائه أن يفهموا ويتحدثوا باللغة العربية، أو بالأدق اللهجة الخليجية النجدية. وإن عرفوا أكثر من ذلك فهو أمر لا بأس به، ولكن المهم أن يتقنوا لغة العلوم ولغة المستقبل؛ اللغة الإنجليزية.

ربما مثله في المجتمع لا يتجاوزون الواحد في المئة، إلا أني أخاف أن يزيدوا إلى أن تصبح ظاهرة اجتماعية. هؤلاء القلة من الآباء والأمهات يفضلون مخاطبة أبنائهم باللغة الإنجليزية بدلا من لغتنا العربية في هذا المجتمع. وهذا المعتقد إذا كثر عند الناس فناقوس الخطر سيدق.

والخطر هنا ليس في معرفة اللغة الإنجليزية، ولكنه في عدم الاهتمام باللغة العربية.

والخوف هنا ليس على اللغة العربية فهي - ولله الحمد - محفوظة بحفظ القرآن الكريم، ولكن الخوف على من ينتمي لها. نعم أخاف على أهلها، فاللغة أساس الهوية، وأمة تتخلى عن الهوية هي أمة هامشية لا تكتب التاريخ ولا تكتب فيه.

أقول لمن استخدم اللغة الإنجليزية، لأن اللغة العربية لم تواكب العلوم الحديثة!، إن هذا عار علينا وليس عيبا في اللغة.

لغة اختارها رب الكون عز وجل من بين كل اللغات لقول أهم الكلام وكتابة أعظم الكتب لا يمكن أن تعاب.

نحن المقصرون، ونحن من يجب أن يجعلها تواكب العصر لا أن نستسلم ونكون أتباعا للأمم الأخرى.

بعض الدول التي لم يمن الله عليها بما منه على أهل اللغة العربية يحاربون لإبقاء لغتهم حية، ويترجمون آلاف أو ربما ملايين الكتب لتصبح لغتهم مواكبة للعلوم.

هذه الدول سعت إلى أن تقدمت فتحولت من متخلفة إلى دول كتبت التاريخ بلغتها لا بلغة غيرها.

قفلة: لم أجد قفلة خيرا من قول الشاعر العربي الجميل حافظ إبراهيم متحدثا بلسان اللغة العربية:

وسعت كتاب الله لفظا وغاية

وما ضقت عن آي به وعظات

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة

وتنسيق أسماء لمخترعات

أنا البحر في أحشائه الدر كامن

فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني

ومنكم وإن عز الدواء أساتي

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال