الكاريكاتير القوة الخفية

السبت - 25 مارس 2017

Sat - 25 Mar 2017

رسوم الكاريكاتير التي تتحفنا بها الصحف على مدار اليوم تختصر لنا الكثير من الأحداث والأحوال اليومية دون أن تجعل من التضليل والتحريف هدفا لها، فهي وإن كانت لا تخضع كغيرها من المقالات لمقص الرقيب إلا في حالات نادرة، ولا تتطلب أيضا تلك الأدوات التقليدية المستخدمة في إيصال المعلومة، مع ذلك فإن رسالتها في طرق باب النقد وتعزيز مسارات التوجيه أسرع وأعمق في النفس، كونها تستند في طرحها إلى أسلوب الفكاهة والتندر المغلفة بالسخرية أحيانا، وفي ذلك يجد الكثير من المتابعين ضالتهم، وهي أيضا ما يجعل من الرسالة أكثر فعالية وتفاعلا مع متطلبات الرأي العام. والكاريكاتير الذي نشر عبر هذه الصحيفة ليوم الثلاثاء العدد 1129 كان له من الأثر والفعل ما لا يمكن لعدد من المقالات فعله، حيث صور رسام الصحيفة الواقع المرير الذي يعيشه المواطن مع تصريحات بعض المسؤولين والتي لا تمت للواقع بأي صلة، فمعظم أقوال هؤلاء مخالفة ومجانبة لأفعالهم. ففي صفحتها الأخيرة اختصرت صحيفة مكة عبر هذا الكاريكاتير جملة مما يقوم به بعض المسؤولين من إصدار الوعود والتصاريح التي لا تطابق ما يحدث على أرض الواقع، ناهيك عن كمية اللامبالاة المحصورة بين ثنايا كل تصريح وآخر، وهذا ما يعني الاستهتار الفج بقيمة المواطن، وهو ما سيشكل مستقبلا عبئا على مدخرات الوطن.

إن قدرة الإنسان على استقطاب الآخر في التفاعل والإقناع ليست باﻷمر السهل، فلقد استطاع رسام الصحيفة هنا ومن خلال هذا الكاريكاتير إيصال رسالة موجزة من كل مواطن إلى كل مسؤول مقصر وبأقصر الطرق، فمثل تلك الأزمة التي تناولها الرسام لم تكن الأولى، وكل ظني أنها لن تكون الأخيرة، فأكثر الوعود التي صدرت كانت أكثر من الحلول والمقترحات التي لم تعد قادرة على طمأنة الناس، وذهب جل صداها أدراج الرياح، كتلك المبررات التي أصبحت مستهلكة ومهلكة أيضا. أذكر جيدا وإلى عهد قريب كنا نتغنى فرحا بهطول المطر، أما الآن فما إن تفترش الغيوم عنان السماء حتى يضع الجميع أياديهم على قلوبهم مرددين بثقل وتمتمة وألم يعتصر قلوبهم: يا مطرة حطي حطي على قريعة بنت أختي!