سهام الطويري

شعيب.. نموذج تخمج المحتوى الثقافي

السبت - 25 مارس 2017

Sat - 25 Mar 2017

في الأسبوع الماضي ثارت حفيظة المغردين على ما أراه من المواضيع الروتينية القمائمية التي تقدم من خلال الإعلام العربي لمستهدفيه كانعكاس على مستوى الحضور الثقافي لوزارات الإعلام في الدول العربية في المقام الأول، وبغض النظر عما إذا كانت القنوات حكومية أو تجارية، إلا أنها تشترك جميعها بهوية الدولة التي يمثلها مالكي تلك القنوات.

في الأسبوع الماضي خرج المذيع شعيب بموضوع مسلوق لاستثارة الرأي العام الذي يركد بعد فترة وأخرى بسبب عاطفيته في انتقاء المواضيع المعروضة عليه إعلاميا، إلا أن شعيبا انتقى أن يناقش موضوعا فانتازيا مرفوضا على مستوى إطار قناعته الشخصية وعلى مستوى إطار مجتمعه وعلى مستوى أطر المجتمع العربي.

فمحاولات استعراض العلاقات المخمجة إنسانيا أو وضع الضوء «الشعيبي» عليها لا يزيدها إلا خمجا. لو كان لدينا أساسا جمهور تكثر فيه النخبة الثقافية والمتعلمة لما كان ذلك الوهج المخمج والضوضاء المعفنة في وسائل التواصل الاجتماعي. نحن نعاني من أزمات ثقافية عميقة يعبر عنها مستوى المجتمع ولو سطحيا في مستوى تفاعله مع قضايا مخمجة إنسانيا. فئات المشاهدين الذين يتشجنون من تلك المواد الإعلامية المنتنة هم ذاتهم الذين يحتاجون إلى برامج ترفيهية راقية تقدم في مضمونها مواد جاذبة لرغبات وطموح الجمهور.

لا يوجد في القنوات العربية برامج شبيهة بما تقدمه قنوات التلفزيون البريطاني بأساليبها التي تثير الرغبة في المتابعة، كل ما يتابع المشاهد العربي مسلسلات كويتية وتركية وشامية حزينة أو ثأرية تملؤها قصص الحب والخيانة والوجوه الكئيبة، أو برامج اجتهادات شخصية بدائية لعمل برامج جماهيرية «كو-كوميدية». لا يعني الترفيه دائما المحاولة لإضحاك الجمهور أو إبعادهم عن مواضيع تقديم الفائدة، كما لا يعني تقديم الفائدة والنصح أن يكون هناك برنامج سمج بارد أكاديمي الهيئة يغلب عليه الطابع الرسمي.

الجمهور المشاهد العربي حائر ضايع، يحتاج إلى برامج شبيهة ببرنامج العقارات البريطاني الشهير الذي تبدأ رحلاته الأسبوعية من قاعة المزاد لبيع العقار وصولا للمشتري متوسط الدخل الذي يبدأ رحلة إنجاح الشقة الجديدة وتحويل ريع إيجارها الشهري إلى استثمار جيد ومن خلال مداخلات خبراء العقار داخل

رحلة الحلقات الشيقة، يحتاج المشاهد إلى برامج مواهب تستعرض بأسلوب أقل إزعاجا من برامج المواهب الحالية.

رتم إيقاع الملل المشاهد في الإعلام العربي يقع على عاتق وزراء إعلامه لأن الإعلام العربي ليس إلا انعكاسا عاما عن الذوق الثقافي الذي تفهم من خلاله الأمم نوعية مشاهدي تلك الدول. بالنسبة لشعيب فهو نموذج للصراع الذي يعاني منه بعض متسلقي الإعلام والشهرة للتورية عن حقيقة الضحالة والفقر الثقافي الذي يعانون منه.

[email protected]