من عالية.. تعلم الإخلاص والمثابرة!

الجمعة - 24 مارس 2017

Fri - 24 Mar 2017

أن تكون قدوة لغيرك فهذا يعني أن تتمسك بقيمك ومبادئك ولا تتنازل عنها مهما كانت الظروف السيئة التي تواجهك أو كانت العقبات أمامك كبيرة؛ وهذا ما فعلته أمينة مكتبة البصرة المركزية «عالية محمد باقر» التي كتبت المراسلة الصحفية في صحيفة نيويروك تايمز «شايلا ديوان» مقالا عن دورها البطولي في إنقاذ كتب ومخطوطات مكتبة البصرة، وكيف أنها كانت ترى مهمة إنقاذ الكتب معركتها الخاصة حتى لو كانت التضحية بنفسها ثمنا لثباتها على قيمها ومبادئها!

ففي عام 2003 عندما كانت الحرب في البصرة على وشك أن تبدأ بين القوات العراقية من جهة والقوات الأمريكية والبريطانية من جهة أخرى؛ دخلت قوة عسكرية عراقية لتنصب مضادات للطائرات فوق مبنى مكتبة البصرة المركزية.

كان محافظ البصرة حينها قد استغل مبنى مكتبة البصرة ليكون مقرا له ولأفراد حمايته؛ في ذلك الوقت كانت المكتبة تضم مئات الآلاف من الكتب الثمينة والمخطوطات النادرة، لكن القوة العسكرية العراقية التي احتلت المكتبة لم تبال بذلك!

خشيت أمينة المكتبة «عالية محمد باقر» من ضياع وتلف وحرق التراث الثقافي والإنساني الموجود في المكتبة فطلبت من محافظ البصرة نقل الكتب الثمينة والمخطوطات النادرة إلى بيتها، لكن طلبها قوبل بالرفض؛ عندها جازفت بشجاعة وقامت بتهريب الكتب والمخطوطات ليلا إلى منزلها بمساعدة العاملين في المكتبة وبعض من يعرفونها من أهل الحي، كان من بينهم الخباز والحداد والنجار وصاحب المطعم، وكانت المفارقة أن بعضهم لا يجيد القراءة والكتابة!

تمكنت «عالية» ورفاقها من تهريب أكثر من 30 ألف كتاب مهم ومخطوطة نادرة وذلك بنقلها في صناديق إلى مطعم مجاور للمكتبة، ثم إلى منازلهم وفي غضون أيام معدودة بدأت الحرب والقصف الأمريكي والبريطاني للبصرة واحترقت المكتبة بالكامل، لكن الكثير من الكتب الثمينة والمخطوطات النادرة كانت بأمان في بيوت عالية ورفاقها، وعلى الرغم من الجهود البطولية لعالية ولأهل الحي وللعاملين في المكتبة للمحافظة على الكتب والمخطوطات إلا أنه احترق ما يزيد على 50 ألف كتاب حين احترق مبنى المكتبة!

بعد انتهاء الحرب أعيد بناء مبنى مكتبة البصرة المركزية التي دمرتها الحرب فأعادت عالية الكتب والمخطوطات إلى مكانها في المكتبة، وقد أشادت السلطة العراقية المحلية بدورها وشجاعتها وجعلتها مديرة للمكتبة!

لقد أثار مقال «شايلا ديوان» بعض مؤلفي كتب الأطفال الذين لمسوا فيها الشجاعة والبطولة، فعندما علمت الكاتبة الأمريكية «جانيت وينتر» بشجاعة هذه السيدة كتبت كتابا للأطفال يشيد بشجاعة ووطنية «عالية» لتكون قدوة ومثالا لأطفال أمريكا والعالم أجمع، وقد طبع الكتاب ونشر تحت عنوان «موظفة مكتبة البصرة»، ليقرأه أطفال العالم ليكون حافزا لهم على الإخلاص والمثابرة، كما كتب مؤلف الكتب الأمريكي «مارك آلان ستاماتي» كتابا عن عالية سماه «مهمة عالية إنقاذ كتب العراق»!

أخيرا، لا تستسلم بسهولة يا صديقي مهما واجهتك عقبات في حياتك، ولا تتخلى عن قيمك ومبادئك مهما كانت الظروف سيئة، فقد تكون أنت قدوة لكثيرين رأوا فيك نموذجا يقتدى به في الصبر والإصرار والمثابرة للتغلب على مشاكل الحياة، فكن جديرا بهذه الثقة وكن قدوة لغيرك!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال