العمل الالكتروني الحر في السعودية

الخميس - 23 مارس 2017

Thu - 23 Mar 2017

اعتاد البائع والمشتري على استخدام شبكة الانترنت لبيع وشراء السلع والخدمات، وهو ما يعرف بالتجارة الالكترونية. ولكن لم يعتاد صاحب العمل والراغب بالعمل على استخدام شبكة الانترنت لعرض وتنفيذ الأعمال والمهام. فمن وجهة نظر صاحب العمل، فإن الطريقة التقليدية لأداء الأعمال والمهام تعاني من بطء الأداء وانعدام الإبداع وزيادة التكلفة ومحدودية الخيارات، وغيرها من المساوئ الأخرى.

ومن وجهة نظر الراغب بالعمل، فإن الوظيفة التقليدية تعاني من الدخل المحدود والالتزام بالمكان والزمان والنمط اليومي الممل والرجوع للإدارة العليا في اتخاذ القرارات، وغيرها من القيود الأخرى. لذلك نشأت طريقة جديدة للعمل في السنوات الماضية تختلف تماما عن العمل الدائم والعمل الجزئي المرتبطين بالقيادة الهرمية. بدأت وما زالت هذه الظاهرة تسهم في تعزيز قطاعات الاقتصاد بفضل استغلالها ومواكبتها العصر التقني المتجدد. اختلفت مسميات هذه الظاهرة بين علماء التقنية وعلماء الاقتصاد (ومن هذه المسميات Freelancer وGig economy)، وقد تكون أفضل ترجمة لهذه الظاهرة هي «العمل الالكتروني الحر».

فالعمل الالكتروني الحر هو نموذج جديد للعمل مبني على ركيزتين أساسيتين هما: السماح لصاحب العمل بطرح المهام التي يريد إنهائها عبر منصات العمل الالكتروني في شبكة الانترنت، والسماح للراغب بالعمل باختيار المهام المناسبة وإنجازها الكترونيا أو شبه الكتروني. استمدت منصات العمل الالكتروني قوتها ومتانتها من خلال استغلال ميزتين رئيستين (جلبهما العصر التقني الجديد) هما: استغلال القدرات البشرية المتواجدة في العالم الافتراضي لإنجاز المهام؛ واستغلال مميزات شبكة الانترنت الحديثة في تسهيل الربط بين هذا الكم الهائل من القدرات البشرية وفي تسهيل عملية إنجاز هذه المهام.

وقد أثبتت نتائج الإحصاءات التي تم إجراؤها حول مدى انتشار وقبول منصات العمل الالكتروني أن هذا النموذج قادم بقوة وسوف يحدث تغييرات جذرية على المدى البعيد في اقتصاديات وسياسات العمل لدى العديد من الدول. فقد ذكر استبيان نشرته منظمة اتحاد العمال المستقلين في أمريكا عام 2014 أن هناك واحدا من كل ثلاثة أمريكان يمارس نشاطه في منصات العمل الالكتروني الحر. ومن المتوقع أن يشارك أكثر من 40 % من الموظفين الأمريكيين (وهو ما يعادل 60 مليون شخص) في منصات العمل الالكتروني الحر بحلول عام 2020. كما ذكر الاقتصاديون أن الأثر الاقتصادي لمنصات العمل الالكتروني الحر يعتبر مؤشرا كافيا لنجاحها، حيث ضخت ما يقارب 715 مليار دولار في الاقتصاد المحلي الأمريكي، والزيادة متوقعة في السنوات القادمة بلا شك. وذكرت شركة ماكينزي للاستشارات في أحد تقاريرها أن منصات العمل الالكتروني الحر سوف تساهم في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية بمقدار 2.7 تريليون بحلول عام 2025. فجميع هذه النتائج (ونتائج أخرى تم التجاوز عنها اختصارا) تثبت بما لا يدع مجالا للشك المستقبل العملي والاقتصادي الزاهر للعمل الإلكتروني الحر.

لذا يجب علينا في هذا الوطن المعطاء ألا نغفل عن أهمية العمل الالكتروني الحر ومواكبته للتوجه المستقبلي للعمل والاقتصاد السعودي في رؤية 2030. فلا بد من استغلال هذه الفرصة الذهبية والمسارعة في دراسة وتطوير منصات العمل الالكتروني الحر باللغة العربية، والتي بدورها سوف تقفز بنظام السعودة وتساعد على حل الكثير من مشاكل سوق العمل السعودي. كما أنها سوف تساعد في تعزيز دخل الأفراد من خلال فتح باب رزق إضافي -إن لم يكن باب رزق جديد- لكثير من العاطلين عن العمل وخصوصا الجانب النسائي في المملكة العربية السعودية. ولا ننسى الفوائد الاقتصادية التي تتمثل في دعم الاقتصاد المجتمعي والناتج المحلي الإجمالي السعودي والمساهمة في تحقق أهداف العمل والاقتصاد في رؤية 2030.