ورحل أخو النجدات

الخميس - 23 مارس 2017

Thu - 23 Mar 2017

على حين غفلة، وفي مساء ذلك الاثنين، قادتني خطواتي إلى تلك الساحات حول المشعر الحرام التي اعتاد تعفير قدميه بترابها قبل أن تفرش باللون الأخضر.

خطواتي تلك ليست سوى وداع أخير غير مرتب، فما هي إلا سويعات فإذا برسائل الواتس اب تغمر هاتفي، تساءلت: ما الذي حصل؟ فتحت إحداها «إنا لله وإنا إليه راجعون. مات محمد عبدالله (أبوزهرة)». لم أستوعب ولم أصدق، فأغلقت الهاتف وعدت إلى الفراش، تلك العودة لم تدم سوى ثوان فإذا بي أمسك بالهاتف، فتحت رسالة ثانية، وثالثة، ألقيت نظرة على مجموعات، أعضاؤها من دول مختلفة، النتيجة نفسها، والرسالة نفسها، غير أن إحدى هذه الرسائل تضيف تلك الكلمة التي لم تدع بيتا في المملكة إلا وملأته أحزانا «في حادث مروري».

آه، هل عاد الزمن بي إلى عام 1990 حين كنت طفلا؟ هل هي الصدمة نفسها؟ هل رحل «أخو النجدات»؟ هل رحل شقيق الجميع؟ وأخو البعيد قبل القريب؟ محترم الكبار وموقر الصغار، صاحب البهجة الذي يأنس الجميع بأي مجلس يغشاه؟ هل غادرنا «راعي الفزعات» بلا امتنان؟ فقبل أيام فقط اتصل بي أحد الأقارب يخبرني بأن شخصية شهيرة من خارج العائلة سيزور مكة، وطلب مني إكرام وفادته قدر المستطاع، فلم أطل التفكير، إذ لست أهلا لتلك المهمة، فلها رجلها، ومن غيره! فهاتفته ثم أعطيته وسيلة التواصل بذلك الشخص فاستقبله وكان فوق حسن ظني به.

هل رحل صاحب القلب الكبير؟ لا لا لم يرحل! بل غادر جثمانه، أما روحه فستظل تملأ قلوبنا وعقولنا ما حيينا.

منذ اللحظة الأولى وأنا في جدال مع نفسي: لمن أرسل عزائي فيك؟ والديك؟ أخويك؟ صغارك؟ مديرك الذي حين سمع خبر وفاتك خرج هائما على وجهه لا يدري ما يصنع؟ أم أعزي نفسي وبقية أقرانك وأصدقاء الصبا؟ لا بل أرسله لكل من عرفك، ولكل من التقاك ولو لساعات، فروحك الطفولية أبهجت بها كل من قابلك فحق له أن يعزى فيك.

أسأل الله ذا الجلال والإكرام أن يتغمدك بواسع رحمته، ويسكنك فسيح جناته، ويحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال