رهام فراش

إذن فلنرقص!

الأربعاء - 22 مارس 2017

Wed - 22 Mar 2017

رغم أني أحب الموسيقى وأستمتع بالرقص كثقافة وفن أصيل يصبغ بتراث كل بلد ويعبر عن أهله في المناسبات والاحتفالات الشعبية والرسمية والخاصة، إلا أني أراه يظلم كثيرا عندما يصبح عرفا اجتماعيا للمجاملة المزيفة.



لم أستطع يوما أن أفهم المبدأ الذي تتعامل به السيدات أثناء الأفراح عندما يعتبر الرقص هو وسيلة إظهار الفرحة والمشاركة الاجتماعية، وأن من لا ترقص قد تصاب بتهمة حضورها بغير نية صادقة للمشاركة في الفرح، وأنها مجبورة فقط بحكم القرابة والالتزامات الاجتماعية، والغريب أنه في عهد قريب كنا نسمع من أمهاتنا وجداتنا أن من «رقص نقص».



كيف بهذه السرعة تحول المفهوم من العيب والنقص وخدش الأخلاق إلى وسيلة التعبير عن المشاركة للفرح في طقوس الزفاف، ووسيلة استعراض للفتاة غير المتزوجة لمحاسنها لعلها تحظى بفرصة العمر في إعجاب والدة عريس المستقبل بتمايلها واستعراض محاسنها وتتقدم لخطبتها لابنها!



فتلح والدة الفتاة عليها بالرقص رغبة منها لزيادة فرصتها في اصطياد صفقة العمر بالزواج! فتحكي لأحفادها يوما ما أنها تزوجت جدهم ببركة رقصة في فرح فلان وفلانة، أرى أن الرقص لا بد من التعامل معه على أنه حالة شعورية يحصل فيها متعة الانسجام مع الصوت والأداء والكلمات والموسيقى، فيكون وقتها أشبه بالرياضة الروحية تماما كما تحدثه اليوغا من أثر إيجابي على ممارسها كونها تشحنه بالطاقة الإيجابية للكون وتحرره من السلبي منها. ولا حرج في استخدامه كوسيلة للتعبير عن الفرح والمشاركة الاجتماعية دون إفراط ولا تفريط، فلا هو استعراض مواهب ولا سنارة للحصول على غنيمة الزواج.



هو موروث اجتماعي يرسم ملامح كل شعب، ويظهر في المسرحيات والأفلام بطرق احترافية، وله بعد ثقافي وأصل ينبغي المحافظة عليه وتوارثه جيلا بعد جيل، وغالبا ما يكون له قصه وسبب تسمية، وأذكر على سبيل المثال رقصة فلامنكو بالإسبانية:هو نوع من الموسيقى الإسبانية، الذي يقوم على أساس الموسيقى والرقص. الجذور العربية للفلامنكو تظهر في طريقة الغناء من الحنجرة وفي جيتار الفلامنكو وتأثره بالعود، نشأت في أندلسيا في القرن الـ18.



موسيقى الفلامنكو معروفة كذلك في المغرب وخصوصا في المدن الشمالية. ليس هناك يقين عن أصل تسميتها التي أثارت فرضيات عدة، فهناك احتمال أن يكون اسمها هو معنى الفلاح المنكوب، كذلك رقصة الدبكة وهي رقصة فلكلورية شعبية منتشرة في بلاد الشام، وهي تمثل التراث الفلكلوري لتلك البلدان. تمارس غالبا في المهرجانات والاحتفالات والأعراس. تتكون فرقة الدبكة من مجموعة تزيد عادة على عشرة أشخاص يدعون دبيكة وعازف اليرغول أو الشبابة والطبل.



والدبكة هي رقصة شرقية جماعية معروفة في فلسطين، لبنان، سورية، الأردن، تركيا، العراق، وكذلك في شمال السعودية. والمزمار رقصة فلكلورية شعبية حجازية أيضا وهي من أكثر الألعاب شعبية في مكة وجدة والمدينة والقنفذة والليث وينبع والطائف. اقترن لعب المزمار بالأفراح عند أهل الحجاز، يلعب المزمار الرجال الكبار والشباب بحركات بدنية ووقع خاص من تحريك رجل ولف عصا باليد على الإيقاعات. أما الصلصة فيمكن إرجاع جذورها للأجداد الأفارقة الذين أرسلوا إلى منطقة البحر الكاريبي من قبل إسبانيا كعبيد. في أفريقيا، حيث غالبا الموسيقى بصورة رئيسة تصاحبها الآلات الإيقاعية مثل «el conga» و«panderetaa» مشتركة في الصلصة.



لقد تطورت الصلصة في أواخر السبعينات والثمانينات والتسعينات. تم تكييف الأدوات الجديدة، وأساليب وأشكال جديدة من الموسيقى، وأصبحت الصلصة جزءا مهما من المشهد الموسيقي في فنزويلا والمكسيك وحتى في اليابان. تطور هذا النوع لدى وصوله القرن الـ21، وأصبحت الصلصة واحدا من أهم أشكال الموسيقى الشعبية في العالم، ونجوم الصلصة من المشاهير العالميين. إذن فلنرقص ما دام الرقص ثقافة فرح اجتماعية تراثية، ولنحرره مما يشوبه من علل.