ماراثون الأداء الوظيفي

الثلاثاء - 21 مارس 2017

Tue - 21 Mar 2017

بول كورجمان الفائز بجائزة نوبل للعلوم الاقتصادية لعام 2008 له مقولة أحببت أن أبدأ بها مع بداية مارثون الأداء الوظيفي لهذا العام 1438، «الإنتاجية ليست كل شيء، بل على المدى البعيد هي تقريبا كل شيء».

جميعنا نتفق أن الإنتاجية هي المصدر الحقيقي للنمو الاقتصادي، والرفاهية الاجتماعية، وتحسين مستوى المعيشة في أي بلد، فعلى سبيل المثال عندما يكون معدل الإنتاجية 3% سنويا فإننا نضاعف مستوى المعيشة لكل جيل قادم ضعف مستوى معيشة والديه، بينما عندما يكون معدل نمو الإنتاجية 1% سنويا فالأمر يتطلب 3 أجيال لمضاعفة مستوى المعيشة للجيل القادم وسوف تقابله قلة في التعليم وجميع الخدمات تقريبا.

أغلب المشاكل التي نواجهها حاليا، وخصوصا في القطاعات الحكومية، متجذرة في أزمة الإنتاجية، لذا كان الحل الأمثل لمعالجة هذه المعضلة تعديل لائحة الأداء الوظيفي لأنها لا تعطي مخرجات تعكس جودة الأداء الفعلية للمنظمة، فاللائحة الجديدة لم تحل مشكلة اللائحة القديمة، بل وضعت جدارات ورقية لصناعة جدارات حقيقية بين الموظفين من خلال التصنيف الإجباري في نهاية العام. وفي ظل عجلة التطور السريعة والتعقيد المتزايد في العالم ما زلنا نستخدم نفس الأساليب من خلال خلق أنظمة ذات تراكيب محددة تتطلب (مضاعفة الأقسام والعمليات والأنظمة، وإضافة مكاتب وسطية مثل اللجان وغيرها) للتعامل مع التعقيد الجديد مما سيسبب بعض التحديات في المستقبل القريب.

دورة الأداء الوظيفي الجديد، دورها الحفاظ على جدارة وإنتاجية المنظمات الحكومية التنفيذية، بالإضافة لتحديد احتياج الموظف التنموي وصنع قرارات الترقية مع انتقاء أصحاب المواهب، وذلك من خلال دورة متكاملة تتكون من 6 عمليات مرتكزة على (ميثاق أداء) يتكون من مجموعة من الأهداف مرتبطة بجدارات أساسية محددة من قبل الخدمة المدنية مثل (حس المسؤولية – التعاون – التواصل – التوجه بالنتائج – تطوير الأفراد – الارتباط المهني) وجدارات فنية متخصصة تحدد من قبل الجهة التابع لها الموظف، ومن ثم يتم ربط الأداء بالحوافز في نهاية العام من خلال تصنيف إجباري تعلن عنه الخدمة المدنية سنويا قبل بدء ماراثون السباق حسب المادة التاسعة من لائحة الأداء.

ارتكزت اللائحة على مثلث مبادئ الكفاءة الأساسي (الوضوح – القياس – المسؤولية) وهو أمر جيد ولكنه في ظل التعقيدات المتزايدة وزيادة شروط التنافسية على المستوى العالمي أصبحت هذه المبادئ ذات آثار سلبية على الجهود البشرية، ماذا يحدث للتعاون (جوهر الجهود البشرية) عند ظهور أعمدة الكفاءة الأساسية (الوضوح – القياس – المسؤولية)، سوف يكون الهدف الحقيقي من خلال المسؤولية إيجاد شخص لإلقاء المسؤولية على عاتقه ولومه على الفشل، وهو ما حددته اللائحة من خلال التصنيف الإجباري للموظفين بإدراج تصنيف غير المرضى.

كيف يكون الهدف الفعلي (تحسين الأداء العام للموظفين) وأجبر المدير في نهاية العام بوجود موظفين تقييمهم غير مرض؟

كيف يكون الهدف الفعلي زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة الموظف في القطاع الحكومي وبعدها أقوم بالطلب من المدير بتحديد (3 – 5%) ممتاز فقط؟

اللوائح التنظيمية للأداء الوظيفي القديم والجديد تفتقد لتعزيز التعاون بين الموظفين الذي أصبح في الوقت الحالي مطلبا أساسيا للنجاح والتقدم، بل تعزز وبجدارة الفعالية الفردية وهي أن نحدث فارقا كبيرا بالمقارنة مع فعالية الآخرين الذين نقارن بهم إذ سيكون من الغباء التعاون معهم، فقد بينت أفضل الممارسات في أكبر الشركات العالمية أن هناك من الموظفين من يتحفظ على التعاون المفتوح بين زملائهم مما قد يشكل عائقا لأهداف المنظمة المرتبطة بتوجهات رؤية 2030 كيف نستطيع إغلاق هذه الفجوة للوصول لما نريد؟ هنا يكمن التحدي.

استطعنا أن ننشئ خط مسؤولية واضحا، وعرفنا على من سنلقي اللوم، واستطعنا أن نصرف طاقات الموظف فيما يمكن قياسه على حساب التعاون، وهذا ما يقتل الإنتاجية. فبدلا من خلق شروط صحيحة للنجاح التي بدورها تعزز من بناء القدرة التنافسية العالمية، فقد نكون صنعنا منظمات قابلة للفشل بنوايا سليمة وفقا للقواعد والأنظمة.

لذلك الحل الأفضل هو تطبيق اللائحة الجديدة مع تثبيت التصنيف وتعليق تطبيقه لعامين متتاليين حتى يكون لدى جميع القطاعات من موظفين ومدراء تصور كامل عن عملية التحول الفعلية التي يمر بها الموظف، والتحديات التي سوف تقف في طريق النجاح، ويظل السؤال المطروح للقيادات: كيف نفوز جميعا في مارثون الأداء الوظيفي؟

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال