محمد العوفي

عهد جديد من الشفافية

الثلاثاء - 21 مارس 2017

Tue - 21 Mar 2017

في وقت مضى كانت الشفافية في المؤسسات والأجهزة الحكومية في أدنى مستوياتها، وكان غيابها أحد السلبيات التي تثار محليا وعالميا، فعلى الرغم من أهميتها في تقييم ممارسات الأعمال وأداء الأجهزة الحكومية، لم تكن تحظى بذات الاهتمام الذي حظيت به منذ الإعلان عن برنامج التحول الوطني 2020؛ وعليه يمكن القول إن برنامج التحول الوطني وضع أول لبنات تعزيز الشفافية في المؤسسات والأجهزة الحكومية باعتبارها أحد استراتيجيات تحسين الأداء وتقييمه.



فالفكرة التي قام عليها برنامج التحول الوطني تعد بداية عهد جديد من الشفافية في المؤسسات والأجهزة الحكومية؛ حيث أعلن عن كافة الأنشطة والبرامج والمبادرات التي يعتزم القيام بها لتحقيق هذا التحول، وحدد الجهات المعينة بتحقيقها، ووضع كل آليات واستراتيجيات القيام بها، وأعلنها للجميع في مختلف وسائل الإعلام، وأصبح العمل معلنا للجميع وربط تحقيق هذه المبادرات بإطار زمني 2020، وهو ما يتفق مع كل معايير الشفافية كالسماح بالحصول على المعلومات الكافية عن أداء المؤسسات والأجهزة الحكومية وغير الحكومية التي تستفيد من المال العام، وتوفير المعلومات والعمل بطريقة منهجية تسمح لأصحاب الشأن بالحصول على المعلومات الضرورية للحفاظ على المصالح، وإنجاز القرارات المناسبة، واكتشاف الأخطاء في خطوة توصل للشفافية الكاملة.



ويحسب للبرنامج أنه وضع آليات وإجراءات لتعزيز الإفصاح عن المعلومات من منظور المساهمة في تحقيق حاجات المجتمع لحل مشاكله الإدارية والاقتصادية، وتلبية متطلبات التخطيط والتنمية، وتشجيع المشاركة في الحوكمة، والعمل على نشر وتداول المعلومات المتعلقة بأداء المؤسسات والأجهزة الحكومية وغير الحكومية التي تستفيد من المال العام، وجعلها معلومات عامة في حال عدم وجود ما يدعو لحجبها وإبقائها سرية، إلى جانب نشر التقارير الدورية عما تحقق في برنامج التحول، وتسهيل الوصول إليها، فالشفافية ترتبط بتيسير إمكانية وصول المواطنين إلى المعلومات الخاصة بالرقابة.



وهو ما تم الكشف عنه في التقرير الأول لحالة برنامج التحول الوطني الذي صدر يوم الأحد الماضي الذي تضمن كافة التفاصيل حول حالة المبادرات البالغ عددها 755 مبادرة التي حددها البرنامج، فالتقرير المنشور كشف أن العمل بدأ في نحو 658 مبادرة تمثل 87% من هذه المبادرات، في مقابل 97 مبادرة لم يبدأ العمل فيها حتى الآن، وحول الخطط التفصيلية للمبادرات كان التقرير شفافا وواضحا حيث أشار التقرير إلى أنه تم استلام نحو 640 خطة تفصيلية، أقر منها نحو 529 خطة، و111 خطة تفصيلية يجري العمل على إقرارها، فيما لم يتم استلام 115 خطة واعتبرها التقرير متأخرة، كما أشار التقرير إلى التكاليف المالية الإجمالية للسنة الحالية والتكاليف التقديرية لخمس سنوات قادمة.



التفاصيل تعطي دلالة واضحة حول حجم الشفافية التي تضمنها التقرير حيث كان شاملا ومفصلا، وهو ما يعد بنهج جديد من الشفافية المنتظرة التي تضع كل وزارة أو جهاز حكومي أمام مسؤوليته، حيث أصبح كل ما يحدث يعلن للجميع، وللجميع حق الاطلاع والحكم على مدى قدرة هذه الجهة أو تلك في القيام بمهامها ومبادراتها.



أكاد أجزم أن مثل هذه الشفافية كفيلة بالقضاء على الفساد والحفاظ على المال العام، لأن الفساد والشفافية، مفهومان متناقضان، يسيران بطريقين متوازيين، يستحيل أن يلتقيا، والصراع بينهما لا ينتهي، وانتصار أحدهما لا بد أن يكون على الطرف الآخر، كما أنها آلية ناجحة ستضمن تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني 2020.



[email protected]