شاهر النهاري

مجلس الشورى والثقة المهتزة

الثلاثاء - 21 مارس 2017

Tue - 21 Mar 2017

في الأساطير تحدث منافسات بين البنت المكروهة والمحبوبة، فالمحبوبة واثقة لا تحتاج عادة لإثبات جمالها، باعتبار أنه يظهر لها جليا من تفاعل الناس معها، برضاهم، وتبسمهم ودعائهم لها بالتوفيق، وأن كل شاب يراها يتمنى أن تكون من نصيبه، فتنعم بما لديها من معطيات، ولا تعود تسأل أحدا عن رأيه.



أما المكروهة، فهي من تحير في معرفة هويتها ومعانيها، فلا يصبح عليها أحد، ولا يتأمل منها نظرة، وقد يبدل طريقه عندما يلمحها فيه؛ لذلك فإنها تحاول استشفاف الرأي فيها، وقد تدفع لجارتها حتى تنقل لها كلمة حلوة، ولو كاذبة.



مسكينة هذه المكروهة، فلو عرفت ذاتها، وحاولت تغيير طباعها، وتعاطفت، وأعطت من أخلاقها وطيبتها، وتعاونها لما احتاجت لمعرفة آراء الناس فيها.

ولعل كلامي هنا نوع من الخبل، ولكني تذكرت تلك المفارقة، عندما طالعت في «مكة» (1162)، أن مجلس الشورى طلب من مركز الحوار الوطني اطلاعه على صورته النمطية لدى الرأي العام، وذلك بإجراء دراسة استطلاعية، لمعرفة اتجاهات رأي الجمهور حول المؤسسة البرلمانية، ومدى رضاهم عن أدائها.



وأضاف الخبر أن هذا يأتي في سياق تفعيل مجلس الشورى لبنود مذكرة التفاهم، التي أبرمها قبل ثلاث سنوات مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بهدف قياس اتجاهات الرأي العام تجاه القضايا الوطنية، وربط مشاريع دراسات الآراء بالقضايا التي لها علاقة بأعمال المجلس، حيث كان قد واجه في أوقات متفرقة العديد من الحملات المنتقدة لضعف أدائه، وعدم ممارسة دوره الرقابي على الوجه المطلوب، زيادة على الانتقادات، التي وجهها بعض أعضائه للمواطن السعودي سابقا، وبطرق استفزت الشارع.



فكأنما أصبح مجلس الشورى في حرج شديد مما يقال عنه في المجتمعات، حتى أصبح المواطن يخشى مما يمكن أن يفعله به.



ولا شك أن مركز الحوار الوطني أيضا وجد له فرصة للخروج من روتينية ما يفعله، وليجعل المواطن ينظر مجددا لما يفعل، بعد أن فقد الأغلبية من الشعب الثقة بنتاجه بعد أن تحور الحوار فيه، ليتخذ مجالات متعددة، آخر همها هو الحوار الوطني الفعال بين الفئات الثقافية المختلفة؛ والتي بني عليها هدف الحوار الوطني الأساسي بأن يصبح وسيلة ربط وتجميع، تمهد وتزيل أي عقبات، في سبيل الوحدة الوطنية.



رأي الشارع في مجلس الشورى يسهل الحصول عليه، بتصويت بسيط في ذات المجلس، لو صدق أعضاء المجلس أنفسهم، وتجردوا. كما يمكن استشفاف الأمر من واقع مقالات الرأي، التي تكتب بحس وطني صادق، فلا يضطر هذا الصرح لأن يسأل عن رأي الناس فيه كما تفعل الفتاة المكروهة، لمجرد أنها تريد إثارة الآراء حولها، فلربما تحدث أحدهم عنها بطريقة جميلة.



ثم هل صدقت الدراسة باطلاع المجلس على رأي الناس الحقيقي، وهل استفاد المجلس منها، وما هي التغيرات في خططه القادمة بعد هذا الجلاء، وهل سنرى تحقق أماني الشعب فيه، بأن يشعر كل مواطن بأنه يجلس بذاته بين أعضائه، وعلى كراسيه الوثيرة، ويتحدث بما يشعر به من هموم، ويطالب بكل نواقص حياته؟

لو حدث ذلك، فسنقوم نحن بدورنا كمواطنين، ونشكر مركز الحوار والمجلس، ونعامل المكروهة بمثل ما نعامل به المحبوبة، تبعا لصنع يديها.



[email protected]