مرزوق تنباك

الكتاب لا يقرأ من عنوانه

الثلاثاء - 21 مارس 2017

Tue - 21 Mar 2017

جموع غفيرة من سكان الرياض ومن غيرها كانوا يموجون قبل أيام في معرض الكتاب، يبحث كل منهم عن عنوان يريده، أو موضوع عريض يحاول أن يلم به، أو حتى من يريد أن يلتقي بصديق، أو يتحدث مع رفيق كان يجدها فرصة أن يتوجه إلى معرض الكتاب فيقضي وقتا بين الكتب ومع الناشرين وصناع الثقافة وطلاب العلم، وأمام هذه الجموع الغفيرة كان هناك عدد كثير من دور النشر من الخارج ومن الداخل تحتوي على آلاف العناوين من الكتب.



كل عام تقام أسواق الكتب ترى إقبالا منقطع النظير على المعرض، وترى أجيالا من طلاب الثقافة وأنواعا من الناس، الكبير والصغير، والرجال والنساء، كل يبحث عن عنوان في باله، أو موضوع يعجبه، أو مؤلف سمع به، وأهم من ذلك كله أن يعيش الناس من كل فئاتهم أياما يكون الحديث فيها عن الكتاب، وعن المؤلف، والجديد من الإصدارات التي تعالج قضايا العلم والمعرفة وتقربها إلى الناس ولو لم يكن غير الحديث عن القراءة والكتاب لكان ذلك وحده مهما ومناسبا.

لكن السؤال الذي يمكن طرحه في هذه المناسبة الثقافية التي تتكرر كل عام وفي أكثر من مدينة في المملكة، هو ما نوع الكتاب الذي تعرضه دور النشر في كل معرض يقام في الداخل والخارج؟ وما مضمونه؟ ومن هو المؤلف الذي يضع القارئ اسمه في باله وهو متوجه إلى المعرض؟ وما مدى ما تقدمه هذه المؤلفات من جديد في عالم المعرفة والثقافة؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تجدها في أذهان الناس وهم يجولون في ردهات المعرض ويفتشون عناوين الكثير من الكتب التي سطرتها أقلام المؤلفين من مختلف التوجهات الثقافية في القديم والحديث.



إنما اختيار الكتاب الذي تقدم على شرائه أو حتى قراءته ليس من السهولة بمكان لأن تعدد المشارب واختلاف الرغبات والتوجهات الفكرية والعلمية تجعل المتسوق في المعرض يواجه مشكلة الخيار ويقع ضحية عناوين مضللة، وقد قيل في القديم إن الكتاب يقرأ من عنوانه لكن الكتاب لم يعد كذلك ولم يعد يحمل عنوانا دالا على موضوعه، الأمر الذي سمح للناشرين المحترفين أن يحلبوا جيوب القراء بعناوين لا تصدق، وبكتب لا تقرأ من عنوانها، وهو ما ينطبق على أكثر المؤلفات الحديثة، حيث لا تجد الدقة في دلالة العنوان بينما الحاجة ماسة في هذا الوقت الذي تفجرت فيه سيول المعلومات واختلط فيه حابل المؤلفين بنابلهم إلى الدقة الدالة على ما يحمل الكتاب من مضمون يحدد هوية المؤلف، ذلك لم يعد موجودا ولم تهتم به دور النشر ولعلهم يريدون من الغموض بالعنوان جانبا تسويقيا، فما يطرح في سوق الكتاب أصبح كثيرا، والقارئ مشغول بجمع ما أمكن جمعه في هذه الفترة القصيرة التي تتاح له في أيام معدودات لاستعراض ما يجد من مطبوعات وما يعرض من كتب.



ولو طلب مني رأيي كيف نختار الكتاب الذي نقرؤه، وقد طلب مني فعلا، لقلت لا تعتمدوا على ما تسمعون من شهرة هذا المؤلف أو ذلك، ولا يغركم تكرار العناوين، وتعدد الموضوعات لمؤلف مشهور، فالشهرة قد تكون مضللة في كثير من الأحيان، وقد يكون المؤلف المعروف يعتمد على سابقته وشهرته ويكرر معلوماته، ويبدئ ويعيد ولا يقدم جديدا، ولا حتى دار النشر رغم أن لبعض دور النشر سمعة طيبة تحافظ عليها إلا أن اختيار الكتاب يعتمد على ذائقة القارئ ودربته واستعراض المحتوى والفصول، حيث يجد الباحث ما قد يشجعه على اقتناء الكتاب ويكون الخيار له وحده.



[email protected]