الانحطاط الأخلاقي

الاثنين - 20 مارس 2017

Mon - 20 Mar 2017

نشأنا ونحن نحذر من أهل الغرب ومن أطباعهم وسلوكهم. نحذر منهم لأنهم أهل فساد الأخلاق. كبرت ولا أزال أسمع عن خطر التغريب لما في ذلك من دعوة للانحطاط.

سألت نفسي: إلى أي مدى من الفساد والانحطاط يعيش هؤلاء الغربيون؟

بعد البحث البسيط والنقاش الموجز، عرفت أن تفسيرنا للفساد يكمن في العلاقة بين الجنسين في المجتمع الغربي ومظاهر وتبعات هذه العلاقة.

وبلا شك ففي مظاهر علاقاتهم من السفور والانحلال ما الله به عليم، فكفانا وكفى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- شرها.

ولكن أن نختزل الأخلاق في تلك العلاقة الجنسية، أعتقد أنه تسطيح لمفهوم الأخلاق.

هذا الاختزال لمفهوم الأخلاق هو الذي جعلنا نقيم المجتمعات والأشخاص بتلك المظاهر، وننسى عمق الأخلاق ودورها في صلاح المجتمع وتطوره.

هذا التسطيح جعلنا -إلى حد ما- نحدد صلاح الرجل بمظهره فقط، وصلاح المرأة بحشمتها فقط، وأن صلاح أو فساد المجتمع يتحدد فقط في العلاقات القائمة بين الذكور والإناث.

هذا التسطيح للمفهوم الحقيقي للأخلاق جعلنا نتجاهل قيما أخرى كالإخلاص في العمل، والصدق، والنظافة، وحسن الظن، وتقبل الآخر، واحترام المواعيد، والعدل وغيرها الكثير الذي لا يسع المقال لذكره.

فننشئ أبناءنا وبناتنا واضعين الخط الأحمر تحت هذا الخلق وحده متجاهلين البقية الكثيرة للأخلاق. ونسينا أن العلاقة بين الجنسين جزء لا يتجزأ من منظومة متكاملة للأخلاق.

إن اختزالنا لصلاح وفساد الأمم في تلك العلاقة، جعلنا نظن أننا أفضل من الغرب خلقا، وأحق منهم في التمكين فننتظر وعد الله لاستخلاف الأرض وسيادتها.

فهل أدركنا حكم ومواعظ القصص القرآنية الكثيرة؟ هل استنبطنا الرسائل الربانية من قول الله عز وجل في سورة الإسراء: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا» وقوله في سورة الأنبياء: «وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين» وفي سورة القصص: «وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها»؟ هذه الآيات الكريمة أمثلة للاستدلال على أن الفسق والظلم والبطر من مسببات هلاك الأمم، وليس فقط علاقة الجنسين.

لذلك، إن ما أردت توضيحه هو أن تقنين العلاقات بين الجنسين أمر ضروري جدا لصلاح المجتمع وعلينا الالتزام بالضوابط الإسلامية، ولكن أؤكد أنها ليست المعيار الوحيد في تحديد الصلاح أو الفساد.

بل علينا أن نقيم أخلاقنا بطرق أشمل وأعمق وما أكثرها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فلا نحتاج لا إلى الغرب أو أي حضارة أخرى لترشدنا إلى الأخلاق والقيم الحميدة.

قفلة:

ورد في الصحيح، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وهذا يعني أنه رغم شرك وسفور وجهل قبيلة قريش إلا أن مكارم الأخلاق كانت موجودة فأتى الإسلام ليكملها وهذا هو المقصود بكلمة أتمم.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال