مع المصفوفات.. أنت تحت الرصد!

الاثنين - 20 مارس 2017

Mon - 20 Mar 2017

تحدثت في مقالي السابق (نشر قبل أسبوعين تقريبا) عن مفهوم المصفوفة، وسنخوض هنا في مستوى أعمق لهذا العالم الموازي.

المصفوفات اختراع رائع لتسهيل الحياة وضبطها وربط مكوناتها بنظام واحد حول العالم، ولكنه يستخدم استخداما سيئا بتواز مع ما ذكرت، وهي سلاح ذو حدين، إلا أن الغالب في استخدامها وفق منظور الواقع الملموس يقود لعاقبة وخيمة يسهل التنبؤ بها، الأمر ذو شقين، مصفوفة مجتمعك ومصفوفة البشرية العالمية، وهناك فروق سأذكر شيئا منها:

على المستوى الشخصي: تهتم المصفوفة المجتمعية بسجلك الأمني، وهذا ما تهتم به المصفوفة العالمية أيضا.

تهتم المصفوفة المجتمعية بدخلك ووضعك المادي لأغراض ضريبية، بينما العالمية تهتم لأغراض تجارية تسويقية.

تهتم المصفوفة المجتمعية بتصنيفك الفكري لمقارنته مع توجهك الرسمي لمصفوفتك التي تنتمي إليها، وتهتم المصفوفة العالمية بقياس توجهك لتقييم الخطط الاستراتيجية لقيادة العالم وفق الأنظمة الأممية العالمية، أمر لن تشعر به بشكل مباشر.

تهتم المصفوفة المجتمعية بقنوات الخدمات الرسمية المقدمة إليك فيها، لرفع الكفاءة أو لتقييدك لأي سبب نظامي أو قانون بضغطة زر، تلج المصفوفة العالمية إلى هذه الأنظمة لأمور استخباراتية لا تتعلق بشخصك بل بمجتمعك برمته، أي بدولتك ونظام إدارتها الذاتي لأسباب استراتيجية.

على المستوى العالمي: المصفوفات الاجتماعية تقدم خدمات مجانية للمصفوفة العالمية، مما يقلص دور الاستخبارات التقليدية في أنظمة التجسس الدولية، والتي تستثمرها وتبيعها بمقابل مادي مجز للغاية.

المصفوفات الاجتماعية هي بدورها ضحية للمصفوفة العالمية وتدور في فلكها.

المصفوفات الاجتماعية تسهم في تحقيق أهداف خارجة عن خططها الذاتية وتوفر موارد لأطراف أخرى.

المصفوفات تشدد القبضة الحديدية على البشر، ولكنها تجعل العالم أكثر هشاشة وأقل مقاومة للتدمير، على عكس ما قد يتصوره البعض.

هذا كان عرضا تبسيطيا، وجملة الأمر أنك تحت الرصد إيجابا وسلبا، مع إمكانية اختراق هذه المصفوفات من قبل أي طرف ثالث يمتلك مفاتيح الدخول أو التسلل، ومع هذا وذاك فإن حياتك ستفقد الخصوصية، وسيتم التنبؤ بنواياك ومقاصدك ومحاسبتك عليها في المستقبل، تجدر الإشارة إلى أن بعض علماء الجينات الوراثية يشير إلى ضرورة معاقبة الأطفال الذين يمتلكون سمات شخصية إجرامية جينية قبل أن يمارسوا هذا الدور واقعيا في الحياة المجتمعية، وهناك من يرى التخلص منهم ابتداء، ليست هذه نكتة جديدة أسوقها إليك في هذا العرض الاستشرافي المختصر، ولكنه أمر يمكنك التحقق من صحته عبر البحث والتقصي المعرفي، وتجدر الإشارة إلى أن المصفوفات الالكترونية تنفذ هذه الرؤية عبر دراستك وتحليلك وتصنيفك بشكل فوري وآني ضمن المصفوفة.

وستجمع المعلومات حولك ضمن سياقات عدة هي:

السياق المالي والمهني الوظيفي، السياق المعرفي التعليمي والتوجه الفكري، السياق الاجتماعي والعلاقات الإنسانية، السياق الأسري والتربوي، السياق الشخصي والمهاري، السياق الصحي والجسدي، السياق الروحي الديني على مستوى القيم والمعتقدات والأخلاق.

المصفوفة البشرية العالمية هي عالم افتراضي للبشر، يستعين بالتقنية المرتبطة بالأفراد أو المدرجة ضمن أجسادهم، والاستفادة منها ستقود لنهضة البشرية جمعاء وتفوقها وستنعكس على رفاهية البشر، ولكن هذا لن يتحقق لأسباب سأذكرها في وقت لاحق، لن تطلب الحكومات من الشعوب الدخول ضمن مصفوفات بشكل مباشر، الأمر يتم عبر الخدمات الالكترونية التي يقدمها القطاعان العام والخاص محليا وعالميا، وإن لم يقدك الفضول أو الخمول إلى الدخول عبر مصفوفة ما، فإن الضرورة الحياتية ستدفع بك قسرا إلى منظومة الخدمات الحكومية في ظاهرة تجتاح العالم برمته بما فيه الدول الفقيرة والنامية، وعندما ترفض عن قناعة الدخول إلى المصفوفة، ستكون قد حكمت على نفسك بالنفي من المجتمع!

ومع أن المصفوفة البشرية لا يقودها شخص بعينه، إلا أنها تخضع لسياسات عامة تسيطر عليها كبرى أنظمة المصفوفات في العالم وهي على عدد الأصابع، فشركة قوقل - مثلا - هي واحدة من تلك الشركات بمجموعتها الخدمية الكاملة، وتطبيقات التواصل الاجتماعي هي مصفوفات طوعية تنضم أنت إليها برغبتك الشخصية وسحب التخزين الالكترونية تجمع محتوى أجهزتك الذكية، وحساباتك المصرفية والرسمية هي مصفوفات مرتبطة بالمصفوفة الأم (العالمية)، ولذلك فإن حروب المستقبل المنظور - وهي واقع حي الآن - هي حروب الكترونية تستهدف البنى التحتية والحسابات المصرفية والتجارية ومنظومات الملاحة والدفاع والطاقة والصحة والأمن القومي للدول، والسبب يكمن في ارتباطها بالشبكة العالمية بطبقاتها الثلاث، السطحية والعميقة والمظلمة! وتذكر أن هذا ليس أمرا عبثيا أو مجرد صدفة.